للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كتاب فضَائِلِ القرآن

قال البخاري (١) : "كيف (نزول) (٢) الوحي؟ وأول ما نزل" قال ابن عباس: المهيمن الأمين، القرآن أمين على كل كتاب قبله.

حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، قال: أخبرتني عائشة، وابن عباس قالا: لبث النبي بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينة (عشرًا) (٣). اهـ.

ذكر البخاري كتاب "فضائل القرآن" بعد "كتاب التفسير"، لأن التفسير أهمُّ، فلهذا بدأ به. (ونحن قدمنا "الفضائل" قبل "التفسير"، وذكرنا فضل كلِّ سورةٍ قبل تفسيرها، ليكون ذلك باعثًا على حفظ القرآن وفهمه والعمل بما فيه. والله المستعانُ) (٤). وقولُ ابنِ عباسٍ في تفسير: "المهيمن": إنما يريدُ به البُخاريُّ قوله تعالى في: "المائدة" بعد ذكر التوراة والإنجيل ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٤٨].

قال الإمام أبو جعفر بن جرير : ثنا المثنى، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية عن علي -يعني: ابن أبي طلحة- عن ابن عباس (في) (٥) قوله: ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ قال: المهيمنُ الأمينُ قال: القرآنُ أمينٌ على كلِّ كتابٍ قبله، وفي روايةٍ شهيدًا عليه.

وقال سفيانُ الثَّوْريُّ وغيرُ واحدٍ من الأئمة عن أبي إسحاق السبيعي، عن التميمي، عن ابن عبَّاسٍ ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ قال: مؤتمنًا، وبنحو ذلك قال مجاهد والسُّدِّيُّ وقتادةُ وابنُ جريج والحسنُ البصريُّ وغيرُ واحدٍ من أئمة السَّلَفِ.

وأصلُ الهيمنة: الحفظُ والارتقابُ، يُقالُ: (إذا رقب) (٦) الرَّجلُ الشيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلانٌ عليه، فهو مهيمنٌ هيمنةً، وهو عليه مهيمنٌ.

وفي أسماء الله تعالى ﴿الْمُهَيْمِنُ﴾ [الحشر: ٢٣] وهو الشهيدُ على كلِّ شيءٍ القريبُ الحفيظُ بِكُلِّ شيءٍ.


(١) في "كتاب فضائل القرآن" من "صحيحه" (٩/ ٣).
(٢) كذا في "الأصول" كلها. وفي "البخاري" (٩/ ٣): "نزل". قال الحافظ في "الفتح": "كذا لأبي ذر: "نزل" بلفظ الفعل الماضي، ولغيره: "كيف نزول الوحي" بصيغة الجمع". اهـ.
(٣) كذا في "الأصول". وفي "البخاري": "عشر سنين".
قال الحافظ: "عشر سنين، كذا للكشميهني، ولغيره: "وبالمدينة عشرًا" بإبهام المعدود". اهـ.
(٤) وقع في (أ): "فلهذا بدأ به، فجرينا على منواله وسننه مقتدين به".
وما أثبته من (ج) و (ط) و (ل) وهي متأخرة عن (أ) فهذا يدل على أن ابن كثير هو الذي غير موضع "الفضائل"، فنقلها إلى أول الكتاب بدل آخره، وقد أحسن بذلك . والله أعلم.
(٥) من (ج).
(٦) في (ج): "أرقب".