للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[سورة القصص]

قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا وكيع، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن معد يكرب قال: أتينا عبد الله فسألناه أن يقرأ علينا طسم المائتين، فقال: ما هي معي، ولكن عليكم بمن أخذها من رسول الله خبَّاب بن الأرت، قال: فأتينا خبَّاب بن الأرت فقرأها علينا (١).

﴿طسم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (٦)﴾.

فقد تقدم الكلام على الحروف المقطعة،

وقوله: ﴿تِلْكَ﴾ أي: هذه ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ أي: الواضح الجلي الكاشف عن حقائق الأمور، وعلم ما قد كان وما هو كائن.

وقوله: ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقّ﴾ الآية، كما قال تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ [يوسف: ٣]؛ أي: نذكر لك الأمر على ما كان عليه كأنك تشاهد وكأنك حاضر،

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ أي: تكبر وتجبر وطغى ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ أي: أصنافًا قد صرف كل صنف فيما يريد من أمور دولته.

وقوله تعالى: ﴿يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ﴾ يعني: بني إسرائيل، وكانوا في ذلك الوقت خيار أهل زمانهم، هذا وقد سلط عليهم هذا الملك الجبار العتيد يستعمله في أخسّ الأعمال، ويكدهم ليلًا ونهارًا في أشغاله وأشغال رعيته، ويقتل مع هذا أبناءهم ويستحيي نساءهم، إهانة لهم واحتقارًا وخوفًا من أن يوجد منهم الغلام الذي كان قد تخوف هو وأهل مملكته منه أن يوجد منهم غلام، يكون سبب هلاكه وذهاب دولته على يديه. وكانت القبط قد تلقَّوا هذا من بني إسرائيل فيما كانوا يدرسونه من قول إبراهيم الخليل ، حين ورد الديار المصرية، وجرى له مع جبارها ما جرى حين أخذ سارة ليتخذها جارية، فصانها الله منه ومنعه منها بقدرته وسلطانه، فبشَّر إبراهيم ولده أنه سيولد من صلبه وذريته من يكون هلاك ملك مصر على يديه، فكانت القبط تحدث بهذا عند


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٧/ ٨٧ ح ٣٩٨٠) وضعف سنده محققوه.