للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاها" الحديث بتمامه (١). وقد ثبت في الصحاح والحسان والمسانيد من طرق جماعة تفيد القطع، كما هو مبين في موضعه من كتاب الأحكام، ولله الحمد والمنة.

وقوله تعالى: ﴿وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ﴾ من باب عطف العام على الخاص؛ أي: هو ربُّ هذه البلدة وربُّ كل شيء ومليكه لا إله إلا هو ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾؛ أي: الموحدين المخلصين المنقادين لأمره المطيعين له.

وقوله: ﴿وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ﴾؛ أي: على الناس أبلغهم إياه كقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨)[آل عمران]، وكقوله تعالى: ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ﴾ الآية [القصص: ٣]؛ أي: أنا مبلغ ومنذر، ﴿فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾؛ أي: لي أسوة بالرسل الذين أنذروا قومهم، وقاموا بما عليهم من أداء الرسالة إليهم، وخلصوا من عهدتهم وحساب أممهم على الله تعالى، كقوله تعالى: ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾ [الرعد: ٤٠]، وقال: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ [هود: ١٢].

﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾؛ أي: لله الحمد الذي لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه، والإنذار إليه، ولهذا قال تعالى: ﴿سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾ كما قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [فصلت: ٥٣].

وقوله تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾؛ أي: بل هو شهيد على كل شيء.

قال ابن أبي حاتم: ذُكر عن أبي عمر الحوضي حفص بن عمر، حدثنا أبو أُمية بن يعلى الثقفي، حدثنا سعيد بن أبي سعيد، سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله : "يا أيها الناس لا يغترن أحدكم بالله، فإن الله لو كان غافلًا شيئًا لأغفل البعوضة والخردلة والذرة" (٢).

وقال أيضًا: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا نصر بن علي، قال أبي: أخبرني خالد بن قيس، عن مطر، عن عمر بن عبد العزيز قال: فلو كان الله مغفِلًا شيئًا لأغفل ما تعفي الرياح من أثر قدمي ابن آدم (٣).

وقد ذُكر عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه كان ينشد هذين البيتين إمّا له وإمّا لغيره:

إذا ما خَلَوتَ الدّهْرَ يوما فلا تَقُل … خَلَوتُ ولكن قل عليَّ رَقِيبُ

ولا تَحْسَبَّن الله يغفل ساعة … ولا أن ما يَخْفَى عليه يَغِيبُ


(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة آية ١٢٦.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأنه معلق.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده جيد.