للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠)[الطور]، قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (١٠٧)[طه]، وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً﴾ [الكهف: ٤٧].

وقوله تعالى: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾؛ أي: يفعل ذلك بقدرته العظيمة ﴿الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾؛ أي: أتقن كل ما خلق، وأودع فيه من الحكمة ما أودع، ﴿إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾؛ أي: هو عليم بما يفعل عباده من خير وشر، وسيجازيهم عليه أتم الجزاء.

ثم بين تعالى حال السعداء والأشقياء يومئذٍ، فقال: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا﴾.

قال قتادة: بالإخلاص (١).

وقال زين العابدين: هي لا إله إلا الله (٢)، وقد بيَّن تعالى في الموضع الآخر أن له عشر أمثالها ﴿وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ﴾ كما قال في الآية الأخرى: ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ [الأنبياء: ١٠٣]، وقال تعالى: ﴿أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [فصلت:٤٠] وقال تعالى: ﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ [سبأ: ٣٧]،

وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ﴾؛ أي: من لقي الله مسيئًا لا حسنة له، أو قد رجحت سيئاته على حسناته كل بحسبه، ولهذا قال تعالى: ﴿هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

وقال ابن مسعود وابن عباس وأبو هريرة ، وأنس بن مالك وعطاء وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وإبراهيم النخعي، وأبو وائل وأبو صالح ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم، والزهري والسدي والضحاك والحسن وقتادة وابن زيد في قوله: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ يعني: بالشرك (٣).

﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (٩٢) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٣)﴾.

يقول تعالى مخبرًا رسوله وآمرًا له أن يقول: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ﴾ كما قال تعالى: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ﴾ [يونس: ١٠٤]، وإضافة الربوبية إلى البلدة على سبيل التشريف لها والاعتناء بها، كما قال تعالى: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٤)[قريش].

وقوله تعالى: ﴿الَّذِي حَرَّمَهَا﴾؛ أي: الذي إنما صارت حرامًا شرعًا وقدرًا بتحريمه لها، كما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس قال: قال رسول الله يوم فتح مكة: "إن هذه البلد حرمه الله


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من قول ابن مسعود .
(٣) ذكرهم كلهم ابن أبي حاتم بحذف السند إلا قول ابن عباس فقد أخرجه بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عنه.