للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُورَةُ الكَوْثَرِ مدنية، وقيل: مكية

﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)﴾.

قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن فضيل، عن المختار بن فُلْفُل، عن أنس بن مالك قال: أغفى رسول الله إغفاءة، فرفع رأسه مبتسمًا، إما قال لهم وإما قالوا له: لم ضحكت؟ فقال رسول الله : "إنه أنزلت عليَّ آنفًا سورة". فقرأ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١)﴾ حتى ختمها، قال: "هل تدرون ما الكوثر؟ "، قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "هو نهر أعطانيه ربي ﷿، في الجنة، عليه خير كثير، تَرِدُ عليه أُمتي يوم القيامة، آنيته عدد الكواكب، يُخْتَلَج العبد منهم فأقول: يا ربِّ، إنه من أُمتي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" (١).

هكذا رواه الإمام أحمد بهذا الإسناد الثلاثي، وهذا السياق.

وقد ورد في صفة الحوض يوم القيامة أنه يَشْخَب فيه ميزابان من السماء عن نهر الكوثر، وأن عليه آنية عددَ نجوم السماء. وقد روى هذا الحديث مسلم وأبو داود والنسائي، من طريق محمد بن فضيل، وعلي بن مُسْهِر، كلاهما عن المختار بن فُلْفُل، عن أنس. ولفظ مسلم قال: "بينا رسول الله بين أظهرنا في المسجد، إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسمًا، قلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: "أنزلت عليّ آنفًا سورة فقرأ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)﴾. ثم قال: "أتدرون ما الكوثر؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنه نهر وَعَدنيه ربي ﷿، عليه خير كثير، هو حوض تَرِدُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فَيختلجُ العبد منهم، فأقول: ربِّ إنه من أُمتي. فيقول: إنك لا تدري ما أحدث بعدك" (٢).

وقد استدل به كثير من القراء على أن هذه السورة مدنية، وكثير من الفقهاء على أن البسملة من السورة، وأنها منزلة معها.


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه. (المسند ٣/ ١٠٢)، وسنده صحيح، وقد أخرجه مسلم من طريق المختار بن فلفل به. (الصحيح، الصلاة، باب حجة من قال: إن البسملة آية من كل سورة سوى براءة ح ٤٠٠).
(٢) المصدر السابق وسنن أبي داود، الصلاة، باب من لم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (ح ٧٨٤)؛ وسنن النسائي، الافتتاح، باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم (٢/ ١٣٣)؛ وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٧٠٦).