للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[سورة آل عمران]

هي مدنية، لأن صدرها إلى ثلاث وثمانين آية منها نزل في وفد نجران وكان (١) قدومهم في سنة تسع من الهجرة، كما سيأتي بيان ذلك عند تفسير آية المباهلة منها (٢)، إن شاء الله تعالى، وقد ذكرنا ما ورد في فضلها مع سورة البقرة في أول تفسير البقرة.

﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٤)﴾.

قد ذكرنا الحديث الوارد في أن اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢)﴾ و ﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢)﴾ عند تفسير آية الكرسي (٣)، وقد تقدم الكلام على قوله: ﴿الم (١)﴾ في أول سورة البقرة بما يغني عن إعادته، وتقدم الكلام على قوله: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢)﴾ في تفسير آية الكرسي.

وقوله تعالى: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾ يعني: نزل عليك القرآن يا محمد بالحق، أي: لا شك فيه ولا ريب، بل هم منزل (٤) من الله ﷿ أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدًا، وقوله: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ أي: من الكتب المنزلة قبله من السماء على عباد الله الأنبياء فهي تصدقه بما أخبرت به، وبشرت في قديم الزمان، وهو يصدقها، لأنه طابق ما أخبرت به، وبشرت من الوعد (٥) من الله بإرسال محمد وإنزال القرآن العظيم عليه. وقوله: ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ﴾ أي: على موسى بن عمران، ﴿وَالْإِنْجِيلَ﴾ أي: على عيسى ابن مريم ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أي من قبل هذا القرآن ﴿هُدًى لِلنَّاسِ﴾ أي: في زمانهما. ﴿وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ وهو الفارق بين الهدى والضلال. والحق والباطل، والغي والرشاد، بما يذكره الله تعالى من الحجج والبينات والدلائل الواضحات، والبراهين القاطعات، ويبينه ويوضحه ويفسره ويقرره ويرشد إليه وينبه عليه من ذلك.

وقال قتادة والربيع بن أنس: الفرقان ههنا: القرآن (٦). واختار ابن جرير أنه مصدر ههنا لتقدم


(١) في الأصل: "وكانت" والتصويب من (عف) و (ح) و (حم) و (مح).
(٢) آية ٦١ من السورة نفسها.
(٣) آية ٢٥٥.
(٤) في الأصل: "نزل" والمثبت من (عف) و (ح) و (حم).
(٥) في الأصل: "وبشرته من الموعد" والمثبت من (عف) و (ح) و (حم).
(٦) قول قتادة أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق شيبان بن عبد الرحمن عنه.
وقول الربيع أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي عنه.