للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

اشتملت هذه السورة الكريمة، وهي سبع آيات، على حمد الله وتمجيده، والثناء عليه بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته (العلى) (١) وعلى ذكر المعاد، وهو يوم الدين؛ وعلى إرشاده (عبيده) (٢) إلى سؤاله والتضرع إليه، والتبرئ من حولهم وقوتهم، وإلى إخلاص العبادة له، وتوحيده بالألوهية ، وتنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، وتثبيتهم عليه، حتى (يفضي بهم ذلك) (٣) إلى جواز الصراط الحسي يوم القيامة المفضي بهم إلى جنات النعيم في جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة، ليكونوا مع أهلها يوم القيامة، والتحذير من مسالك الباطل؛ لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة، وهم المغضوب عليهم، والضالون.

وما أحسن ما جاء إسناد الإنعام إليه في قوله تعالى: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ وحذف الفاعل في الغضب في قوله تعالى: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ وإن كان هو الفاعل لذلك في الحقيقة؛ كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. . .﴾ الآية [المجادلة: ١٤] وكذلك إسناد الضلال إلى من قام به وإن كان هو الذي أضلهم بقدره؛ كما قال تعالى: ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾ [الكهف: ١٧] وقال: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦)[الأعراف] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنه سبحانه هو المنفرد بالهداية والإضلال، لا كما تقول الفرقة القدرية ومن حذا حذوهم من أن العباد هم الذين يختارون ذلك ويفعلونه؛ ويحتجون على بدعتهم بمتشابه من القرآن؛ ويتركون ما يكون فيه صريحًا في الرد عليهم وهذا حال أهل الضلال والغي.

وقد ورد في الحديث الصحيح (٤): "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم" - يعني في قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾ [آل عمران: ٧] فليس، بحمد الله، لمبتدع في القرآن حجة صحيحة؛ لأن القرآن جاء ليفصل الحق من الباطل، مفرقًا بين الهدى والضلال؛ وليس فيه تناقض ولا اختلاف؛ لأنه من عند الله ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٢].

فَصْلٌ

يستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها: "آمين"، (مثل يس) (٥). ويقال: أمين - بالقصر أيضًا. ومعناه: اللهم استجب.


(١) في (ز) و (ن): "العليا".
(٢) في (ك) و (ل): "عبده".
(٣) في (ن): "يقضي لهم بذلك".
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ٢٠٩)؛ ومسلم (٢٦٦٥/ ١).
(٥) ساقط من (ز) و (ع) و (ك) و (هـ) و (ى).