للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ فمتى كانت الجارحة معلمًا وأمسك على صاحبه، وكان قد ذكر اسم الله عليه وقت إرساله، حل الصيد وإن قتله بالإجماع. وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة، كما ثبت في الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إني أرسل الكلاب المعلمة وأذكر اسم الله! فقال: "إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك". قلت: وإن قتلن؟ قال: "وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها، فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره" قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: "إذا رميت بالمعراض فخزق فكله، وإن أصابه بعرض فإنه وقيذ فلا تأكله" (١).

وفي لفظ لهما: "وإذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حيًا، فاذْبحه وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله، فإن أخذ الكلب ذكاته".

وفي رواية لهما: "فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه" فهذا دليل للجمهور، وهو الصحيح من مذهب الشافعي، وهو أنه إذا أكل الكلب من الصيد يحرم مطلقًا، ولم يستفصلوا كما ورد بذلك الحديث، وحكي عن طائفة من السلف أنهم قالوا: لا يحرم مطلقًا.

[ذكر الآثار بذلك]

قال ابن جرير: حدثنا هناد، حدثنا وكيع، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: قال سلمان الفارسي: كل وإن أكل ثلثيه - يعني: الصيد - إذا أكل منه الكلب، وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة وعمر بن عامر عن قتادة، وكذا رواه محمد بن زيد، عن سعيد بن المسيب عن سلمان (٢)، ورواه ابن جرير أيضًا عن مجاهد بن موسى، عن يزيد، عن حميد، عن بكر بن عبد الله المزني، [والقاسم أن سلمان] (٣) قال: إذا أكل الكلب فكل، وإن أكل ثلثيه (٤).

وقال ابن جرير: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن حميد بن مالك بن خُثيم الدؤلي أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن الصيد يأكل منه الكلب، فقال: كل وإن لم يبق منه إلا حذية، يعني: بضعة (٥)، ورواه شعبة عن عبد ربه بن سعيد، عن بكير بن الأشج، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، قال: كل وإن أكل ثلثيه (٦).


(١) تقدم عزوه في الآية السابقة عند تفسير "الموقوذة".
(٢) أخرجه الطبري بسند ومتنه وهذه الأسانيد، وفيه سعيد بن المسيب لم يسمع من سلمان الفارسي وقد أشار الطبري إلى ذلك كما سيأتي، وحكم عليه الحافظ ابن كثير ضمن الأسانيد الثابتة في هذه الرواية كما سيأتي، وله شواهد عن ابن عمر وسعد بن أبي وقاص كما سيأتي.
(٣) كذا في (حم) و (مح) وتفسير الطبري، وفي الأصل: "القاسم بن سلمان" وهو تصحيف.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وبكر والقاسم لم يسمعا من سلمان الفارسي.
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق بكير والد مخرمة به (المصنف ٥/ ٣٨٥)، وسنده صحيح.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، ويتقوى بسابقه.