للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن جرير: حدثنا ابن المثنى، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا داود، عن عامر، عن أبي هريرة، قال: إذا أرسلت كلبك فأكل منه، فإن أكل ثلثيه وبقي ثلثه فكله (١).

وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر قال: سمعت عبد الله، وحدثنا هناد، حدثنا عبدة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن عبد الله بن عمر قال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك، أكل أو لم يأكل (٢). وكذا رواه عبيد الله بن عمر وابن أبي ذئب وغير واحد عن نافع (٣).

فهذه الآثار ثابتة عن سلمان وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وابن عمر، وهو محكي عن علي وابن عباس، واختلف فيه عن عطاء والحسن البصري، وهو قول الزهري وربيعة ومالك، وإليه ذهب الشافعي في القديم وأومى إليه في الجديد.

وقد روي من طريق سلمان الفارسي مرفوعًا، فقال ابن جرير: حدثنا عمران بن بكار الكلاعي، حدثنا عبد العزيز بن موسى اللاحوني، حدثنا محمد بن دينار وهو الطاحي، عن أبي إياس معاوية بن قرة، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان الفارسي، عن رسول الله قال: "إذا أرسل الرجل كلبه على الصيد فأدركه وقد أكل منه فليأكل ما بقي" ثم قال ابن جرير: وفي إسناد هذا الحديث نظر، وسعيد غير معلوم له سماع من سلمان، والثقات يروونه من كلام سلمان غير مرفوع (٤). وهذا الذي قاله ابن جرير صحيح، لكن قد روي هذا المعنى مرفوعًا من وجوه أُخر، فقال أبو داود: حدثنا محمد بن المنهال الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن أعرابيًا يقال له: أبو ثعلبة قال: يا رسول الله، إن لي كلابًا مُكلّبة، فأفتني في صيدها، فقال النبي : "إن كان لك كلاب مُكلّبة، فكل مما أمسكن عليك" فقال: ذكيًا وغير ذكي، وإن أكل منه؟ قال: "نعم، وإن أكل منه" فقال: يا رسول الله أفتني في قوسي، قال: "كل ما ردت عليك قوسك" قال: ذكيًا وغير ذكي؟ "وإن تغيب عنك ما لم يضلّ أو تجد فيه أثر غير سهمك" قال: أفتني في آنية المجوس إذا اضطررنا إليها، قال: "اغسلها وكل فيها" (٥). هكذا رواه أبو داود، وقد أخرجه النسائي، وكذا رواه أبو داود من طريق يونس بن سيف، عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة، قال: قال رسول الله : "إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه، وكل ما ردت عليك يدك" (٦) وهذان إسنادان جيدان.

وقد روى الثوري عن سماك بن حرب، عن عدي قال: قال رسول الله : "ما كان من كلب


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وقد حكم عليه الحافظ ابن كثير بأنَّه من الأسانيد الثابتة، كما سيأتي بعد الرواية التالية.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه عبد الرزاق عن نافع به (المصنف رقم ٨٥١٦)، وسنده صحيح.
(٣) كلا الروايتين في الطبري بمسندين صحيحين.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه وتعليقه، وفد أورد الحافظ ابن كثير التعليق باختصار، وهو تعليق نفيس جدير بإيراده كله.
(٥) (٦) تقدم تخريجهما في الآية السابقة.