للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفسير سُوْرَةُ الأَعْرَافِ

﴿المص (١) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٣)﴾.

قد تقدم الكلام في أول سورة البقرة على ما يتعلق بالحروف وبسطه واختلاف الناس فيه.

قال ابن جرير: حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا أبي، عن شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عباس ﴿المص (١)﴾ أنا الله أفصل (١)، وكذا قال سعيد بن جبير (٢).

﴿كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ أي: هذا كتاب أُنزل إليك أي من ربك ﴿فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾ قال مجاهد وقتادة والسدي: شك منه (٣)، وقيل: لا تتحرج به في إبلاغه والإنذار به.

﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: ٣٥] ولهذا قال: ﴿لِتُنْذِرَ بِهِ﴾ أي: أنزلناه إليك لتنذر به الكافرين.

﴿وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾

ثم قال تعالى مخاطبًا للعالم: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ أي: اقتفوا آثار النبي الأمي الذي جاءكم بكتاب أنزل إليكم من ربِّ كل شيء ومليكه ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ أي: لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول إلى غيره، فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره ﴿قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ كقوله: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)[يوسف] وقوله: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١١٦] وقوله: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)[يوسف].

﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (٤) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٥) فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (٧)﴾.

يقول تعالى: ﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾ أي: بمخالفة رسلنا وتكذيبهم، فأعقبهم ذلك خزي الدنيا


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف سفيان بن وكيع، وشريك هو ابن عبد الله القاضي: صدوق سيء الحفظ، وعطاء بن السائب: صدوق اختلط، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق شيبان عن عطاء به وقد توبع شريك وسفيان بن وكيع وبقي اختلاط عطاء.
(٢) أخرجه الطبري من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير، فتارة يرويه عن سعيد بن جبير، وتارة يرويه عن أبي الضحى عن ابن عباس، فلعله بسبب اختلاطه.
(٣) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة، وقول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.