للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَ النَّعْمَةِ فِي أَرْضِ سَبَأٍ] إلى آخِره، يَعنِي أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعَل في هذه الجَنَّتَينِ خيرًا كثيرًا، وجعَل تَناوُلَها مُيَسَّرًا؛ ولهذا قال تعالى: {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ} ممَّا يَدُلُّ على أن الأمر مُيسَّر، كما لو قدَّمتُ لكَ طعامًا وقُلْتُ: كُلْ، إِذَنْ فهذه الجَنَّاتُ تُعطِي ثِمارها بدون مَشَقَّة، بل باليُسْر والسُّهولة.

وقوله تعالى: {مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ} الرِّزْق بمَعنى: العَطاء، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: ٨].

وقوله تعالى: {رَبِّكُمْ} الرَّبُّ مَعْناه: الخالِق المالِك المُدبِّر، والرُّبوبية هنا رُبوبية خاصَّة لعِنايته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بهم بما أَعطاهم في هذه الجَنَّاتِ.

وقوله تعالى: {وَاشْكُرُوا لَهُ} هذا هو الذي يُطالِبون به جزاءً أو إظهارًا لنِعْمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليهم، والشُّكْر: يَتعلَّق بالقَلْب واللَّسان والجوارِح؛ يَعنِي: فاعتَرِفوا بأنَّ هذه النِّعْمةَ من الله تعالى، وأَثْنُوا على الله تعالى بها، وقُوموا بجوارِ حِكم بطاعته حتى تُؤذُوا الشُّكْر على الوجه المَطلوب منكم، واشْكُروا له على ما رزَقَكم من النَّعْمة في أرض سَبَأٍ.

وقوله تعالى: {وَاشْكُرُوا لَهُ} أَحيانًا تَتَعدَّى (شكَرَ) بنَفْسها فيُقال: شكَرْت الله تعالى. ويُقال: شكَرْت له. فهي من الأفعال التي جاءت في اللغة العربية لازِمةً ومُتَعدَّيةً، وتَكون لازِمة إذا جاء حَرْفُ الجَرِّ له، وتَكون مُتعدِّية إذا لم يَأتِ حَرْف الجَزَّ، فإذا قُلْت: شكَرْتُ الله تعالى. صارَت مُتَعدَّية، وإذا قلت: شَكَرْتُ لله تعالى. صارَت لازِمةً.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ} إعرابها: خبَرٌ لمبتدأ محذوف، والتَّقدير: هذه بَلْدة طَيَّبة، أو [هي بَلْدة طيَّبة، ليس فيها سِباع ولا بَعوضة ولا ذُبابة ولا برغوث

<<  <   >  >>