للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (١٥)]

* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: ١٥].

* * *

قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ} هذه الجُملةُ مُؤكَّدةٌ بثلاثة مُؤكِّدات وهي: اللَّامُ و (قَدْ) والقَسَمُ المُقدَّر؛ لأنَّ هذا على تَقدير القَسَم أي: (والله لَقَدْ كانَ لِسَبَأ) و {كَانَ} هنا تَدُلُّ على مجُرَّد الحُدوث؛ أي: أنها مَسلوبة الدَّلالة على الزمَن، فإن هذه الآيَةَ باقِية حتى الآنَ، كلُّ مَن قرَأَ خبِرَها.

وقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ} قبيلة سُمِّيت باسْمِ جَدٍّ لهم من العرَب و (سَبَأٌ) في الأصل اسْمُ رجُل يُسمَّى (سَبَأ)، وكان من (قَحطانَ)، واختَلَف المُؤرِّخون النَّسَّابون في (قَحطانَ) هل هو من العرَب العارِبة أو من العرَب المُستَعرِبة، والمَشهور أنهم من العرَب العارِبة؛ الذين قبلَ إبراهيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لكن رَوَى البُخارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى قَبِيلَتَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانُوا يَتَرَامَوْنَ بِالنَّبْلِ، فَقَالَ لَهمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا" (١)، وهذا يَدُلُّ على أنهم عرَب مُستَعرِبة؛ لأنَّ الأنصار مَعروفٌ أنهم الأَوْس والخَزْرج كلُّهم من قبائل اليَمَن من قحطانَ، نزَلوا وتَفرَّقوا في البلاد بعد الغرَق ونزَلوا المدينة، وعلى هذا فيَكون ظاهِرُ حديث


(١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب التحريض على الرمي، رقم (٢٨٩٩)، من حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>