للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تُهدَى إلى صراط العَزيز الحميد؛ ولهذا لمَّا طلَبَ أهلُ البِدَع الوُصولَ إلى الخالِق عن طريق غير القُرآن ضلُّوا وتاهوا وبَقُوا مُتَحَيِّرين مُضْطَرِبين.

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أن مَن تمَسَّك بهذا القُرآنِ نال العِزة والحمْد؛ أي: صار عزيزًا مَحمودًا؛ لقول الله تعالى: {صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} ولم يَقُلْ: إلى صراط الله. بل قال سبحانه: {الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}؛ إشارة إلى أنَّ مَن تمَسَّك بالقُرآن فله العِزَّة وله الحمْدُ يُحمَد على فِعْله وقَوْله وتَرْكِه.

الفائِدةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ: إثبات هَذين الاسْمَيْن لله، وهما العَزيز والحميد، وقلنا: أنَّ العِزَّة التي اتَّصَف الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بها لها ثلاثة أَنواعٍ: عِزَّة القَدْر، وعِزَّة القَهْر، عِزَّة الامتِناع، فالحَميد من أسماء الله تعالى، وهو مُشتَقٌّ من الحمْد.

الفائِدةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ: إثبات العِزَّة لله تعالى، وإثبات الحمدِ لله تعالى، ولكن هناك عِبارة عند الناس يَقولون: (الحمدُ لله الذي لا يُحمَد على مَكروهٍ سِواهُ) وهذه عِبارةٌ غيرُ مُناسِبة؛ لأنك تُعلِن إعلانًا تامًّا بأنَّك تَكرَه ما قَضَى الله تعالى، والرسول عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذا أَصابَه أَمْر يُسَرُّ به قال: "الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالحِاتُ"، وإذا أصابَه ما يَكرَه قال - صلى الله عليه وسلم -: "الحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ" (١)، ولا يَذكُر شيئًا مَكروهًا، ولهذا يَنبَغي لنا أن نُنبِّه مَن تَكلَّم بهذه العِبارةِ؛ أنَّ هذا يَشهَد بأنه لم يَرضَ بقَضاء الله تعالى نَقول له: قُلْ: "الحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ".

ونَعلَم أن الله تعالى ربُّ كل شَيْءٍ وَيدخُل في ضِمْن ذلك الكِلابُ والخَنازيرُ والحشَراتُ وما أَشبَه ذلك، لكن هل من اللائق أن تَقول: إن الله تعالى ربُّ الكِلاب


(١) أخرجه ابن ماجه: كتاب الأدب، باب فضل الحامدين، رقم (٣٨٠٣)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <   >  >>