قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ} نِسْبة الفِعْل إلى (نا) الدَّالَّة على العظَمة، والضَّمير في {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ} يَعود على سَبَأ.
وقوله تعالى:{الْقُرَى} جَمْعُ قَرْية، وهي البَلْدة سَواء كانت كبيرةً أو صغيرةً، وسُمِّيَت قريةً؛ لأنها تَجمَع، وما اشتَهَر عند الناس أن القَرْية هي المُدُن الصِّغار، هذا اصطِلاحٌ عُرْفيٌّ، وإلَّا فإن الله تعالى يَقول:{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ}[محمد: ١٣]، فالقَرْية اسمٌ للبَلَد سواءٌ كان كثيرًا أو قليلًا، سُمِّيَ بذلك لأنه يَجمَع الناس.
وقوله تعالى:{الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} ما هي القُرى التي بارَك الله تعالى فيها؟ قيلَ: إنها قُرَى اليَمَن، كصَنْعاءَ ونحوِها. وقيلَ: إنها قُرَى الشام. ولكُلٍّ من القَوْلين وجهٌ؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بارَك في الشام، وبارَك في اليَمَن؛ قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ بَارِكْ لنَا فِي شَامِنَا وَيَمَنِنِا"(١)؛ ولهذا اختَلَف المُفسِّرون رَحِمَهُ اللَّهُ: هل المُرادُ القُرى
(١) أخرجه البخاري: كتاب الاستسقاء، باب ما قيل في الزلازل، برقم (١٠٣٧)، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.