للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (١٨)]

* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} [سبأ: ١٨].

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ} نِسْبة الفِعْل إلى (نا) الدَّالَّة على العظَمة، والضَّمير في {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ} يَعود على سَبَأ.

وقوله تعالى: {الْقُرَى} جَمْعُ قَرْية، وهي البَلْدة سَواء كانت كبيرةً أو صغيرةً، وسُمِّيَت قريةً؛ لأنها تَجمَع، وما اشتَهَر عند الناس أن القَرْية هي المُدُن الصِّغار، هذا اصطِلاحٌ عُرْفيٌّ، وإلَّا فإن الله تعالى يَقول: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} [محمد: ١٣]، فالقَرْية اسمٌ للبَلَد سواءٌ كان كثيرًا أو قليلًا، سُمِّيَ بذلك لأنه يَجمَع الناس.

وقوله تعالى: {الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} ما هي القُرى التي بارَك الله تعالى فيها؟ قيلَ: إنها قُرَى اليَمَن، كصَنْعاءَ ونحوِها. وقيلَ: إنها قُرَى الشام. ولكُلٍّ من القَوْلين وجهٌ؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بارَك في الشام، وبارَك في اليَمَن؛ قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ بَارِكْ لنَا فِي شَامِنَا وَيَمَنِنِا" (١)؛ ولهذا اختَلَف المُفسِّرون رَحِمَهُ اللَّهُ: هل المُرادُ القُرى


(١) أخرجه البخاري: كتاب الاستسقاء، باب ما قيل في الزلازل، برقم (١٠٣٧)، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>