للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا غير صحيح؛ لأنها لم تُوافِق الشَّرْع في الزمَن.

يُقال: إن رجُلًا بَدوِيًّا كان يَبيع في المَواسِم الأضاحِيَ؛ يَأتي بها ويَجلِبها إلى السُّوق وهو ما أَدَّى فَريضة الحجِّ، فقِيل له: لماذا لم تُؤَدِّ الفَريضةَ؟ فقال: الفَريضةُ تَأتي في وَقْت المَوْسِم وأنا ما أُحِبُّ، ولكنني سأَذهَب إلى الشَّيْخ أَسأَله: هل يَجوز لي أن أَحُجَّ في عيد رَمضانَ؟ ! فذهَب إلى الشَّيْخ يَستَأذِنه؛ يَقول: أَستَأْذِنك يا شيخُ أنْ تَسمَح لي أن أَحُجَّ في عيد رمضانَ بدَلًا من عيد الأَضْحى؛ لأن عيد الأَضْحى فيه مَوْسِم لنا. فقال له الشيخُ: إن أَذِنْت لك أن تَحُجَّ فإني آذَنُ لكَ أن تُضحِّيَ وحينئذٍ يَكون المَوسِم تابِعًا للحَجِّ، ما يَتخَلَّص منه.

فأَقولُ: إن هذا الذي حَجَّ في ذي القَعدةِ حتى لو وافَق التاسِعَ والعاشِرَ والحادِي عشَرَ والثاني عشرَ والثالِثَ عشَرَ فإنها لا تُقبَل؛ لمُخالَفَتها للزمَن.

ولو أنَّ رجُلًا في العَشْر الأواخِر من رَمضانَ قال: سأَعْتَكِف في بَيْتي ولن أَذهَب للمَسجِد؛ لأني أَتعَبُ في تحصيل الطعام والشراب، ويُمكن أن يَجِيءَ أَحَد يُلْهِيني عن ذِكْر الله تعالى، فسأَقعُد في البيت. فلا يَصِحُّ اعتِكافُه؛ لأنه مخُالِف للشَّرْع في المكان.

فتَبيَّن الآنَ أن تَحقيق المُتابَعة لا يَكون إلَّا إذا وافَقَ العَمَل الشريعة في الأمور السِّتَّة.

الفائِدةُ السَّادِسةُ: عُلوُّ مَرتَبة المُؤمِنين العامِلين الصالحاتِ؛ لقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {أُولَئِكَ}؛ لأنَّ الإشارة هنا للبَعيد، وذلك لعُلُوِّ مَرتَبَتهم، مِثل قوله تعالى: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: ١ - ٢] مع أن الكِتاب بَيْنَ أيدينا، لكن أشار إليه بالبَعيد لعُلُوِّ مَرتبته.

<<  <   >  >>