للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلِّ حال تَقبَل هذا الخبَرَ، لكن ليس كالأوَّل؛ لأنك في الأوَّل ستَقول: ما هذا الشيءُ العظيمُ؟ تَقول: شيء عظيم، ما هذا الشيءُ؟ ! أَخبِرْني ما هذا الشيءَ؟ حتى يَرِدَ على قَلْبك وقد تَشَوَّفْت إليه كثيرًا.

الفائِدةُ الثَّانِيَةُ: تمَام تَصرَّف الله عَزَّ وَجَلَّ في مخَلوقاته؛ هذا يَلج، وهذا يَدخُل، وهذا يَنزِل، وهذا يَعرُج؛ قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}.

الفائِدةُ الثَّالِثَةُ: من فَوائِدها -وهي فائِدة بَلاغِيّة-: البَداءةُ بما يُماسُّ الإنسانَ وإن كان غيرُه أشرَفَ منه؛ لأنه تَحدَّث عما يَلِجُ في الأرض وما يَخرُج منها قبل التَحدُّث عما يَنزِل من السَّماء وما يَعرُج فيها، وهذه الفائِدةُ بِناءً على أن السّماء أَشرَفُ من الأرض، وهل هذا مُسلّمٌ؟

الجوابُ: هذا فيه خِلاف بين العُلَماء رَحمهم اللَّهُ، وفيه جدَلٌ كثير، منهم مَن يَرَى أنَ السماء أَشرَفُ وَيقول: إنَّ السماءَ لو لم يَكُن فيها إلا المَلائِكةُ المُقرَّبون، وهي جهة عُلُوّ والسّماء فيها أيضًا الله عزَّ وجلَّ فَوقَها، ومنهم مَن يَرَى أن الأرض أَشرَفُ وَيقول: لأنَها خُلِق منها أَفضَلُ المَخلوقات وهمُ الأَنبياءُ والرُّسُل، فهي أشرَفُ.

وهذا النِّزاعُ وإن كان نِزاعًا قد يُقال: إنه مِنْ فُضول العِلْم، لكنه على كلِّ حال في أوّلِ وَهْلة يَرَى الإنسان أن السَّماء أَشرَفُ من الأرض، ولكن ذُكِرَتِ الأرضُ هنا لأنها تمُاسُّنا أكثَرَ ونَعرِف عنها أكثَرَ.

الفائِدةُ الرَّابِعَةُ: إثبات الرحمة والمَغفِرة لله عَزَّ وَجَلَّ، في قوله تعالى: {وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ}، وهنا قدَّم (الرَّحيم) على (الغَفور)، وإن كان الأكثرُ في القرآن تَقديمَ (الغَفور) على (الرَّحيم)؛ لمِا يَكون في السماء والأرض مِنَ المَصالِح والمَنافِع، والمَصالِح

<<  <   >  >>