وقوله تعالى:{مِيعَادُ} يُحتَمَل أن يَكون ظَرْفَ مَكان أو زَمان، ويُحتَمَل أن يَكون مَصدَرًا مِيمِيًّا؛ والمَعنى: أنَّ لكم وَعْدًا يَكون في يوم لا تَستَأخِرون عنه ساعةً ولا تَستَقدِمون عليه، وذلك لأنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- بحِكْمته البالِغة قَدَّر لكل شيءٍ أجَلًا مُعيَّنًا، قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}[الرعد: ٨]، فكل شيء بمِقدارٍ عند الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ومحُدَّد بآجَله، فالعَذاب لا يُقدِّمه استِعْجالهم ولا يُؤخِّره، إذا جاء لا يَتَقدَّم ولا يَتَأخَر.
وفي هذا الجوابِ من التَّهديد لهم ما هو ظاهِر، كما لو قُلتَ لإنسانٍ: إنَّ عِندي لك مَوعِدٌ لا يَتَقدَّم ولا يَتَأخَّر. فالمَعنَى: احذَرْ من هذا اليومِ.
وقول المُفَسِّر:[هُوَ يَوْم الْقِيَامَةِ] هذا لا شَكَّ أنَّه محُتَمَل، لكن فيه احتِمالٌ آخَرُ، أنَّه يوم القيامة ويوم مَوْتهم أيضاً، فإن يوم مَوْتهم يُشاهِدون العَذاب، قال الله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [الأنفال: ٥٠ - ٥١].