قوله تعالى:{مَنْ} اسمُ استِفْهام، والمُراد به التَّحدِّي، تَحدِّي هَؤلاءِ المُشرِكين الذين يَعبُدون مع الله غيره، وهل هذه الأَصنامُ تَرزُقهم من السَّموات والأرض؟
الجوابُ: لا، ولكن الذي يَرزُق هو الله تعالى، فيَتَحدَّاهم بالسُّؤال:{مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.
وقوله تعالى:{مِنَ السَّمَاوَاتِ}: (مِنْ) لابتِداء الغاية؛ أي: أنَّ الرِّزق يَأتي من السَّمَوات، والرِّزق بمعنى: العَطاء، فما هو الرِّزق من السَّموات؟ قال المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [بالمَطَر]، فإنَّ المَطَر رِزقٌ يَنزِل إلى الأرض فتَنبُت، وأمَّا الرِّزْق من الأَرْض فأَمْره ظاهِر {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: ٢٩]، ثُمَّ إننا نَقول بأنَّ الرِّزق من السَّمَوات أشمَلُ من المَطَر؛ فإن السَّمَوات يَنزِل منها المطَر وَينزِل منها المَنُّ والسَّلْوى، وربما نَقول: إنَّ الطُّيور في جَوِّ السماء أنَّها من رِزْق السماء؛ لأنَّها تَأتِي من فَوقُ، فكُلُّ ما يَأتي مِن فَوقُ فإنَّه يَصدُق عليه أنه رِزقٌ من السَّمَوات.