للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمُجرَّد المَشيئة. قالوا: لأنَّ الحِكْمة غرَض من الأَغْراض التي تَحمِل على الفِعْل والله سُبحَانَهُ وَتَعَالى مُنزَّهٌ عن الأَغْراض.

ونَقول لهم: إن هذا مُصادَمة للنُّصوص؛ ولو تَأمَّلْنا القُرآن لوَجَدْنا فيه آلاف الآيات تَدُلُّ على إثباتِ الحِكْمة لله، ثُمَّ الغرَض إن كان لمَصلَحة الغير فهو مَدْحٌ وثَناءٌ، وإن كان لحاجة المُتكلم ليس بها نَقْص في وَجْهٍ من الوجوه.

وقد سبَقَتِ القاعِدة الخبِيثة: الذين يَقولون: إن الله مُنَزَّل عن الأَعْراض والأَغْراض والأبْعاض، وهذا الكلام إذا سمِعْتَه تَقول: هذا كلامٌ طَيِّب! ! وهم يَعنون بذلك نَفيَ أفعاله الاختِيارية؛ يَعنِي: أنه لا يَنزِل ولا يَأتي ولا يَتكَلَّم، وما إلى ذلك؛ لأنَّ هذه أعراضٌ تَحدُث وتَزول، أما عن الأبعاض فيَعنُون بذلك: نَفيَ الوجهِ واليَدين والعَيْنين وما أَشبَه ذلك؛ لأنَّ هذه أَبْعاض بالنِّسبة لنا؛ والأغراض يَعنون بذلك: نَفيَ الحِكْمة، والقُرآن يَرُدُّ قولهم هذا.

الفائِدةُ الثَّانِيَةُ: فَضْلُ الإيمان والعمَل الصالِح، ووجهه: مِن تَرتُب الثواب عليه في قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} وما تَرتَب عليه الثواب فهو فاضِلٌ ومَحمودٌ ومَطلوبٌ.

الفائِدةُ الثَّالِثَةُ: الفَرْق بين الإيمان والعمَل الصالِح عند الجمْع بينهما؛ لأنه هنا ما قال: (الذين آمَنوا) فقط ولا (عَمِلوا الصالحِاتِ) فقط؛ بل جَمَع بينهما، وقد سَبَق لنا أنه إذا جُمِع بينهما صار الإيمان في القَلْب، والعمَل الصالِح في الجوارِحِ.

الفائِدةُ الرَّابِعَةُ: الإشارة إلى أن الإِيمان الذي في القَلْب فقَطْ لا يَكفِي عن العمَل الصالِح؛ لأنه رتَّب الجزاء على قِيام الوَصْفين بالفاعِل وهما الإيمان والعمَل الصالِح.

<<  <   >  >>