للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشوري: ١٧ - ١٨]، فالكُفَّار يَستَعجِلون العذاب تَكذيباً للرُّسُل عليهم الصَّلاة والسلام.

قال الله تعالى: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: ٢٠٤ - ٢٠٧]، يَعنِي: أي شيء يُغنِي عنهم، فمهما طال بهمُ الأَمَدُ فإن المَسألة محَدودة مَعدودة {إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} فهُمْ يَتَحدَّوْن ومع ذلك أحيانًا يَتَحدَّوْن كذِبًا، فإنهم قالوا حين أُخبِروا بالبَعْث، قالوا مُتَحدِّين للرُّسُل عليهم الصَّلاة والسلام: {فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الدخان: ٣٦]، وهل قِيلَ لهم: إن آباءَهُم يَأتون الآنَ. حتَّى يُوجِّهوا الصورة إلى هذا؟ لا، بَلْ قِيل لهم: إن آباءَهُم سيُبعَثون يومَ القِيامة. لكنهم يُموِّهون على العامَّة بمِثْل هذه الدَّعاوَى.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: تمَرُّد الكُفَّار في طُغيانهم حيث قالوا مُتَحدِّين للرُّسُل: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}؛ وهذا غايةُ ما يَكون في التَّمرُّد والطُّغيان؛ لأنهم لو كان عِندهم أَدنَى شيءٍ من الإيمان لكانوا يَخافون ممَّا أُوعِدوا به؛ لكن لتَمرُّدهم وطُغيانهم -والعِياذُ بالله تعالى- قالوا هذا القولَ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنهم كذَّبوا الرُّسُل فيما قالوا؛ لقولهم: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: بَيانُ الأساليب التي يَقوم بها دُعاة الباطِل حيثُ يَتَحدَّوْن أهل الحَقِّ بمِثْل هذا التَّحدي مع العِلْم بأن الوعيد بالعَذاب أو نَحوه كالآيات تَمامًا،

<<  <   >  >>