للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفَتْح يَأتِي بمَعنَى: النَّصْر والحُكْم بين النَّاس والفَصْل، فله مَعانٍ بحسَب السِّياق، فالله تعالى هو الفَتَّاح الذي يَفتَح على عِباده بالنَّصْر، وَيفتَح على عِباده بالعِلْم، وَيفتَح على عِبادة بالفَهْم، وَيفتَح على عِباده بحُسْن النيَّة والقَصْد؛ فهو مُتضَمِّن لأَشياءَ كثيرةٍ؛ ولهذا جاء بصِيغة المُبالَغة {الْفَتَّاحُ}.

وأمَّا قوله تعالى: {الْعَلِيمُ} ذو العِلْم الواسِع، وقد سبَقَ عن لنا أن عِلْم الله أَزَليٌّ أبَديٌّ؛ أزَليٌّ لم يُسبَق بجَهْل، أبَديٌّ لا يَلحَقه نِسيان قال الله تعالى: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}، يَعنِي: لا يَجهَل ما سيَأتي ولا يَنسَى ما مضَى.

وعِلْم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- محُيط بكُلِّ شيء جملةً وتَفصيلًا؛ قال الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: ٥٩]، فكل شيء فالله تعالى عالِم به جُملةً وتفصيلًا.

من فوائد الآيات الكريمة:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: وُجوب مُناظَرة المُشرِكين ومحُاجَّتُهم، ويُؤخَذ الوُجوب من قوله تعالى: {قُلْ}؛ لأنَّ الأصل في الأَمرِ الوُجوب.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّه يَنبَغي أن يُستَدَلَّ بالأَوْضَح والأَبيَن، فإن الرِّزق من الله -عَزَّ وَجَلَّ- أَمْر مَعلوم لا يَستَطيع أحَدٌ أن يَقول: إنَّه يُنزِل المَطَر أو أنَّه يُنبِت النَّبات. وفي باب المُناظَرة يَنبَغي للإنسان أن يَستَدِلَّ بما هو أَبيَنُ وأَوْضَحُ، وهذه طريقة القُرآن كما سبَقَ لنا في (قواعِد التفسير).

<<  <   >  >>