للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي بارَك الله تعالى فيها قُرَى الشامِ أو المُرادُ القُرى التي بارَك الله تعالى فيها قُرَى اليَمَن؟ أيُّهما أَعظَمُ مِنَّةً أن يَكون المُرادُ بقُرَى الشام أو قُرَى اليَمَن؟

الجوابُ: قُرى الشام؛ لبُعدها، فهم يَذهَبون إلى الشام وَيرجِعون منها فيَقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بَارَكْنَا فِيهَا بِالمَاء وَالشَّجَرِ وَالثَّمَارِ وَهِيَ قُرَى الشَّامِ الَّتِي يَسِيرُونَ إِلَيْهَا لِلتَّجَارَةِ {قُرًى ظَاهِرَةً} مُتَوَاصِلَةً مِنَ الْيَمَنِ إِلَى الشَّامِ]، قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {ظَاهِرَةً} يَعنِي: بيَّنه يَرَى بعضها من بعض؛ لأنَّ القَرْية إذا كانت بَعيدةً عن الثانية ما صارت ظاهِرةً، وإذا خرَجَت من قَرْية إلى قَرْية، وهي بَعيدة منها هل تَكون القَرْية الثانية ظاهِرةً لك؟ لا، بل تَحتاج إلى أحَدٍ ليَدُلَّك، لكن إذا كانت مُتواصِلة مُتقارِبة صارت ظاهِرةً بادِيَة للعَيان، فهذه القُرَى مُتواصِلة بعضُها ببَعْض من اليَمَن إلى الشام.

والذين قالوا: إن المُراد قُرى اليَمَن؛ قالوا: لأنهم لا يَعلَم أن هناك قُرًى مُتَّصِلة بين اليَمَن والشام، وقالوا: إن الواقِع يَدُلُّ على خِلاف ذلك، وأن المُراد بالقُرى قُرى اليَمَن، وعلى كُلِّ حالٍ: لكُلِّ قولٍ وجهٌ.

وقوله تعالى: {وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ} يَعنِي: جَعَلْناه مُقدَّرًا بمَراحِلَ يَنزِلون من قرية إلى أُخْرى مَرحَلةً مَرحَلةً.

والمُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ يَقول: [{وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ} بِحَيْثُ يَقِيلُونَ فِي وَاحِدَةٍ وَيَبِيتُونَ فِي أُخْرَى، إِلَى انْتِهَاءِ سَفَرِهِمْ، وَلَا يَحْتَاجُونَ فِيهِ إِلَى حَمْلِ زَادٍ وَمَاءٍ] هذا مَعنَى تَقدير السَّيْر: أن يَكون مُقدَّرًا بمَراحِلَ حسبَ هذه القُرى، يَقيلون في واحِدة وَيبيتون في أُخرى، ثم يَقيلون في الثانية وَيبيتون في الأُخْرى وهكذا، ولا شكَّ أنَّ تَقدير السَّيْر على هذا الوجهِ أنه من نِعْمة الله على الناس، فإن الخُطوط الطويلة التي ليسَتْ بها

<<  <   >  >>