للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَعناه الأصل، ويُضَمَّنُ الفِعْلُ مَعنًى يُناسب ذلك الحرْفَ، وهذا مَذهَب البصريين فيقولُ: {يَعْرُجُ} مُضَمَّنٌ مع مَعناه الظاهِر -وهو العُروج- معنى الدُّخول؛ يَعنِي: يَعرُج فيَدخُل فيها، ليس المُرادُ ما يَعرُج فقط ولا يَدخُل، وسَبَق لنا في مُقدِّمة التفسير لشيخ الإسلام ابنِ تيميَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أنَّ هذا المَذهَبَ هو المَذهَبُ الصحيح المحقَّقُ؛ وهو أن نُضمِّن الفِعْل معنًى يُناسب الحرف؛ لأنَّ هذا التَّضمين يَجعَل للفِعْل مَعنيَيْنِ: أحدُهما: المعنى الظاهِرُ من اللَّفْظ، والثاني: المَعنَى الذي تَضمَّنه؛ ليُناسب الحرْف الذي تَعلَّق به.

وَيظهَر لك ذلك جَلِيًّا في قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦]، ومَعلومٌ أننا لا نَشرَب بالعَيْن إذ ليست بآلة للشُّرْب، ويَرَى بعض العُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ أن نَجعَل الباء بمَعنى (مِنْ) أي: يَشرب منها، وَيرَى آخَرون أننا نُضمِّن (يَشرَب) مَعنى (يَروَى) فإذا ضمَّنَّا نَستَفيد فائِدتَيْن:

الأُولي: الشُّرْب.

والثانية: والرِّيُّ.

ولكن إذا قُلْنا: إنَّ الباء بمَعنى (مِنْ) لم نَستَفِد هذه الفائِدةَ.

فالمُهِمُّ: أن المَذهَب الصحيح هو أننا نُضمِّن الفِعْل مَعنى يُناسبُ الحرْف، ولا نَجْعَل الحرْف بمَعنَى حَرْفٍ آخَرَ.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَهُوَ الرَّحِيمُ} بِأَوْليَائِهِ {الْغَفُورُ} لهمْ] وهذا أيضًا من التَّخصيص بلا دليلٍ.

وقوله تعالى: {الرَّحِيمُ} لم يَذكُر مُتعلَّقها، والمُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ يَقول: [بِأَوْلِيَائِهِ]

<<  <   >  >>