للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا مُضافةً وإلَّا مَنصوبةً على المَفعولية المُطلَقة.

قوله تعالى: {سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ} أي: لا مُوالاةَ بَينَنا وبينَهم من جِهتنا، يَعنِي: أن هذه الجُملةَ خَبَرية ثُبوتية {أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ} مَعناها جُملة سَلْبية، أي: لا نَتَوَلَّاهم، بل {أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ}، فلا مُوالاةَ بينَنا وبينهم، وإذا انتَفَت المُولاةُ ثبَت ضِدُّها، وهي المُعاداة، يَعنِي: فهؤلاء أَعداؤُنا، وأنت ولِيُّنا من دونهم.

وهذا كقوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: ٢٥٧].

قوله رَحِمَهُ اللهُ: [{بَلْ} للانتِقال، {كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ} الشياطين، أي: يُطيعوهم في عِبادتهم إيَّانا {أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} مُصدِّقون في ما يَقولون].

قوله: [{بَلْ} للانتِقال]؛ لأنَّ (بَلْ) تَأتي للإِضْراب الانتِقالي، وللإِضْراب الإِبْطالي، فإن كان المَقصود بها إِبْطالَ ما سبَقَ وإثباتَ ما لَحِق فالإِضْراب إِبْطالي، وإذا كان المَقصودُ بها الانتِقالَ من مَعنًى إلى آخَرَ فوقَه أو دونَه يُسمَّى إضرابًا انتِقاليًّا.

وهنا المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: يَقول: إنَّ هذا الإِضْرابَ انتِقالِيٌّ؛ يَعنِي: وأنَّهم لم يُبطِلوا ما سبَق، فهم باقون على قَوْلهم: {سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ}، ولا مُولاةَ بيننا وبينَهم، ولا نُواليهم ولا يُوالوننا، بل نَزيد على ذلك: كانوا يَعبُدون الجِنَّ، والمُراد بالجِنِّ هُنا الشياطين؛ لأنَّ الجِنَّ همُ الشَّياطينُ في الواقِع؛ قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: ٥٠]، فهم يَعبُدون الجِنَّ.

<<  <   >  >>