للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية: ٢١ - ٢٦].

وهل الله عَزَّ وَجَلَّ شهيد على ما في نَفْس الإنسان؟

الجوابُ: نعَمْ، شهيدٌ حتى على ما لا يَطَّلِع عليه أحَدٌ، فالله تعالى شهيد عليه.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَطلُب من أحَد أَجْرًا على تَبليغ الرِّسالة وإنذار الناس، من قوله: {مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: التَّنزُّل مع الخَصْم، أي: على فَرْض أني سأَلْت فهو لكم.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تحريم أَخْذ الأَجْر على إبلاغ العِلْم الشَّرْعيِّ؛ ووجهُه: أنه مخُالِف لهَدْيِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من جِهة، ومن جِهة أُخرى: أن تَبليغ الشرع واجِبٌ على الإنسان، والواجِب لا يَجوز أن يَتَّخِذ الإنسان عليه أجْرًا.

فَإنْ قِيلَ: هل يَجوز أَخْذ الأُجْرة على تَعليم القُرآن؟

فالجوابُ: أن العُلماءَ رَحِمَهُم اللهُ اختَلَفوا في ذلك على قولين لاختِلاف ظواهِر النُّصوص؛ فمِنهم مَن قال: إنه جائِز؛ لقول النبيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ الله" (١)؛ ولأنَّ هذا الرجُلَ لا يَأخُذ أَجْرًا على قِراءة القُرآن، ولو أخَذ أَجْرًا على قِراءة القُرآن قُلْنا: هذا حرام. لكنه أَخَذ أَجْرًا على التعليم


(١) أخرجه البخارى: كتاب الإجارة، باب ما يعطى في الرقية، رقم (٢٢٧٦)، ومسلم: كتاب السلام، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية، رقم (٢٢٠١)، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>