للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في هذه المسألة ننظر: إن كان للحيوان المصيد نقلٌ ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو عن السلف الصالح في شيء يشبه هذا الذي نتحدث عنه، حكمنا به في الحال.

ومن هذا الضرب النعامة ففي صيدها بدنة من الإبل.

ومنه الواحدة من بقر الوحش ففيها بقرةٌ من النعم، ومثله حمار الوحش.

ومنه الغزال (وهو ولد الظبية الذي لم يطلع قرناه) في فداء صيده معز صغير، ففي ذكر الغزال جديٌ، وفي أُنثاه عَنَاق (١).

فإن طلع قرنا الغزال ـ أي صار كبيراً ـ سمّيَ الذكَرُ ظَبْياً، والأنثى ظبْيَة ففي الظبيّ تَيْسٌ، وفي الظبية عنز، وهي أُنثى المعز التي تم لها سنة.

ومنه الأرنب وفيه عَنَاق.

ومنه اليَرْبوع وفيه جَفْرَة.

ومنه الضبع وفيه كبش.

ومنه الثعلب وفيه شاة (٢).

فالصيد المثليُّ جزاء قاتل المصيد فيه على التخيير والتعديل بين أشياء ثلاثة:

الاختيار الأول: أن يذبح الجاني المثل المشابه (٣) من النَّعَمِ في مكة، ويتصدّق


(١) العَنَاق: الأنثى من المعز إذا قويت ما لم تبلغ سنة، وهي ما فوق الجَفْرَة والجمع أعنُق وعُنُوق. والجفرة هي الأنثى من المعز إذا بلغت أربعة أشهر، والذكر يسمى جفْراً. ثم الجدي من ولد المعز يقال للثلاثة منه أجدٍ، فإذا كثرت قيل: جداء، ولا يقال: جَدَايا ولا جِدَى. انظر القاموس المحيط للفيروزآبادي.
(٢) انظر في توثيق هذا وضبطه حاشية العلامة الباجوري جـ ١ صـ ٤٩٥ - ٤٩٦.
(٣) المماثلة هي في الخلقة والصورة، وذلك على سبيل التقريب ـ كما أوضحت لك ـ لهذا يلزم في الكبير كبير، وفي الصغير صغير، وفي الذكر ذكر، وفي الأنثى أنثى، وفي الحامل حامل مثله، وفي الصحيح صحيح مثله، وفي المعيب معيب مثله إن اتحد الجنس، وفي السمين سمين، وفي الهزيل هزيل.
لكن لوفدى المريض بالصحيح، أو المعيب بالسليم، أو الهزيل بالسمين لكان أفضل.
مثال توضيحي: اصطاد نعامة فالجزاء على جنايتها أن يذبح بدنة.
فإن كانت النعامة كبيرة لزم أن تكون البدنة كبيرة أيضاً، وإن كانت صغيرة فالواجب أن تجاريها في الصغر.
وإن كانت النعامة ذكراً طولب من الصائد أن يذبح جملاً من البُدن، وإن كانت أنثى فالمطلوب ناقة.
وإن كانت النعامة حاملاً فالجزاء عليها ناقة حامل وهكذا.
كل هذا فهمه العلماء من قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥]، فالآية اشترطت التماثل، وكل ما ذكر يدخل في معناه. لكن قال مالك في الصيد الصغير إنه يجب فيه كبير لقوله تعالى:
{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥]، والصغير لا يكون هدياً، لأنه يجزئ في الهدي ما يجزئ في الأضحية. انظر حاشية العلامة إبراهيم الباجوري جـ ١ صـ ٤٩٥، والحج والعمرة في الفقه الإسلامي د. نور الدين عتر صـ ١٤٤ الفقرة (٩٩).

<<  <   >  >>