للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

به على مساكين الحرم (١).

توضيح ذلك لو اصطاد نعامة، فإن جزاء قتلها أن يذبح بدنة من الإبل في حدود حرم مكة الشريف بامتداداته إلى ما قبل الحلّ بأدنى شيء، فيتصدق بلحم تلك البدنة على المساكين هناك جزاء ما اقترفت يداه من قتل النعامة، وعلى تخويفه ما أمَّنه رب البيت في حرمه الآمن، ولا يجزئه فعل ذلك في الحل.

هذا ما عبر عنه الإمام العمريطي بقوله:

فإن يكن للصيد مثْلٌ في النَّعَمْ ... فليذبح المثلَ ابتداءً في الحرمْ

الاختيار الثاني: أن يقوِّمَ المثل دراهم يشتري بها طعاماً مجزئاً في الفطرة (٢)،


(١) المساكين تشمل غير القاطنين من المحتاجين. لا بل نص العلامة الباجوري في حاشيته جـ ١ صـ ٤٩٧ على أنه إذا علم أنّ غير القاطنين أحوج كان إعطاؤهم أفضل. أقول: وبهذا يندفع ما قد يتوهمه بعض الناس من الحرج عن تقديم لحوم كفاراتهم أو صدقاتهم إلى حجاج آخرين أعوزتهم الحاجة، وأقعدتهم عن السؤال عزة النفس.
(٢) الطعام المجزئ في الفطرة هو صاع من غالب قوت البلد، فإن كان في البلد أقوات غلب بعضها على بعض وجب الإخراج من القوت الغالب. ويجزئ القوت الأعلى عن القوت الأدنى؛ لأنه زاد به خيراً، والأقوات من الأعلى إلى الأدنى حسب الترتيب: البر ثم السُّلْت ثم الشعير ثم الذرة ثم الحِمَّص ثم الماش ثم العدس ثم الفول ثم التمر ثم الزبيب ثم الأَقِط ثم اللبن ثم الجبن غير منزوع الزبد، ثم أجزاء كل من هذه لمن هوقوته. انظر حاشية الباجوري جـ ١ صـ ٤١٧.
وفي تقديري والله أعلم مراعاة لعرف هذا الزمان أن البر والرز على رأس هذه القائمة اليوم، وأنه أحياناً يتغلب الرز على البر في عامة الوجبات الرئيسية، فقد صار هو الغالب والأقوى، والله أعلم.
وفي ضبط وشرح غريب الألفاظ أقول: في اللغة:
السُّلْت: بوزن القُفل ضرب من الشعير ليس له قشر كأنه الحنطة.
والحِمَّص حب معروف. الاحتيار فتح الميم، وقال المبرّد بكسرها.
والماش: جاء في القاموس المحيط أنه حبّ معتدل.
والأقِط بوزن كَتِف معروف، وربما جاء في الشعر (إِقْط) بوزن سِقْط.

<<  <   >  >>