للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا والجعرانة (١) موضع مشهور بين مكة والطائف، وإلى حدود الحرم أقرب، وعن مسجده يبعد ستة فراسخ أي بما يزيد عن خمسة وعشرين كيلومتراً.

قال العلامة ابن حجر: سميت باسم امرأة كانت تلقب بالجعرانة من تميم. وقيل: من قريش وهي المشار إليها بقوله تعالى: كالتي نقضت غزلها (٢).

وبالجعرانة ماء شديد العذوبة. قال الفاكهي: يقال إنه - صلى الله عليه وسلم - حفر موضعه بيده الشريفة المباركة فانبجس فشرب منه وسقى الناس، أوغرز رمحه فنبع.

قال الواقدي كمجاهد: وإحرامه - صلى الله عليه وسلم - بها من المسجد الأقصى الذي تحت الوادي بالعدوة القصوى. قال: وكانت ليلة الأربعاء ثنتي عشرة بقين من ذي القعدة اهـ. ولا يقال: إنما اعتمر بها مجتازاً في رجوعه من الطائف لما صح من أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج منها ليلاً معتمراً ثم عاد، وأصبح كبائت» (٣).

وميقات التنعيم أمام أدنى الحل قليلاً وليس بطرفه، يقال إنه سمّي بذلك؛


(١) للجعرانة ضبطان: الأشهر الذي نقله النووي عن الشافعي أن ذلك بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء، وهذا الضبط عند المحققين وأئمة اللغة. الثاني بكسير الجيم وكسر العين وتشديد الراء وهو صواب أيضاً، وعليه عامة المحدثين. ولا وجه لمن قال: إنه من تصحيف المحدثين. والله أعلم. انظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٤٢٢.
(٢) تمام الجملة القرآنية هذه: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النحل: ٩٢]، والنقض والنكث واحد، والجمع أنكاث، وفي الآية تشبيه بمن يحلف ويبرم العهد ثم ينقضه بامرأة تغزل غزلها، وتفتله محكماً قوياً، وفي الآخر تنقضه وتحلّه، فتكون قد أضاعت وقتها دون أن تنتفع منه بشيء. وهل المثل على امرأة بعينها؟ هذا قول للمفسرين أنه في امرأة حمقاء بعينها. والقول الثاني أن ذلك ورد مضرباً للمثل، لا على امرأة بعينها، ويبدو لي أنه الصحيح، والله تعالى أعلم. انظر تفسير القرطبي جـ ١٠ صـ ١٥٣.
(٣) الحاشية لابن حجر الهيتمي ص ٤٢٢ - ٤٢٣.

<<  <   >  >>