للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومانعوك»! هناك التفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه يخاطبهم باللغة التي اعتاد أن يتبادلها معهم، وهي لغة استطلاع الآراء وسبرها ودراستها، واختيار المناسب منها على طريقة الدول المتحضرة اليوم، وفي سبق واضح عليها، فقال:

«أشيروا أيها الناس عليّ».

فقال له أبو بكر: يا رسول الله، خرجتَ عامداً لهذا البيت لا تريد قتلَ أحد، ولا حرب أحدٍ، فتوجَّهْ له، فمن صدّنا عنه قاتلناه.

حينئذ أخذ رسولنا - صلى الله عليه وسلم - بزمام الناقة وقال للركب الكريم: امضوا على اسم الله (١).

وترسيخاً منه - صلى الله عليه وسلم - للعمل بالأساليب الحربية الحكيمة، التي تفاجئ العدو، ولا تريق دماً، وحرصاً منه على رسالة الأمن والسلام، وتجلية لحقيقة القصد الذي من أجله جاء وهو العمرة وثوابها دون أي رغبة أخرى قد تتمخض عن سنيّ الصراع بين الحق والباطل، أو التوحيد والوثنية فقد قال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه بعد أن أُخبر بأنّ خالد بن الوليد في موضع يقال له الغميم (٢)، في خيل لقريش طليعةً (٣) لهم: من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم (٤)؟ فأجابه رجل من أسلم (٥):


(١) نفس المرجع ورقم الحديث.
(٢) الغميم هو مكان بين مكة والمدينة. قال العلامة ابن حجر العسقلاني جـ ٥ صـ ٤١٠: وسياق الحديث ظاهر في أنه كان قريباً من الحديبية قال: وهو قريب من مكان بين رابغ والجحفة
(٣) الطليعة مقدمة الجيش، وقد كان خالد في مائتي فارس فيهم عكرمة بن أبي جهل. انظر نفس المرجع والجزء والصفحة.
(٤) انظر فقه السيرة لأستاذنا الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، فصل بعنوان: صلح الحديبية صـ ٣٣٩.
(٥) قبيلة يقال لها: (أَسْلَمْ).

<<  <   >  >>