للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال فرجع عروة إلى أصحابه، فقال أي قوم والله لقد وفَدْتُ على الملوك ووفَدْتُ على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إنْ رأيت مليكاً قط يعظمه أصحابه ما يعِّظمُ أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - محمداً.

ثم ساق ما سبق ذكره ثم قال لهم:

وإنه قد عرض عليكم خطة رُشدٍ فاقبلوها، فقال رجل من بني كنانة (١): دعوني آتيه، فقالوا: ائْته. فلما أشرف على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البُدنَ فابعثوها له (٢)، فَبُعِثَتْ له، واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدّوا عن البيت. فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البُدنَ وقد قُلِّدَتْ وأُشْعِرَتْ، فما أرى أن يصدوْا عن البيت (٣).

قال: فقام رجل منهم يقال له مِكْرَزُ بن حَفصْ، فقال: دعوني آته، فقالوا ائته. فلما أشرف عليهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا مِكْرَزٌ، وهو رجل فاجر (٤).


= ويتفاعل إلّا فوق أرض من اليقين بحقيقة مشتركة بين الطرفين.
وقد التقطت حكمة الدهر كلمة قيل إنّ مجنون بني عامر قالها يوم سمع في الناس من يعيب عليه وينتقده لتعلقه بليلى، وهي: رفيماً زعموا سمراء دميمة فقال: لو نظروا إليها بعيني لعلموا أنهم مخطئون.
(١) اسمه الحُليس، وكان من رؤوس الأحابيش وهم: بنو الحارث، وبنو المصطلق، والقارة.
(٢) أي أثيروها أمامه دفعة واحدة.
(٣) وفي رواية ابن إسحاق: وغضب وقال يا معشر قريش، ما على هذا عاقدناكم، أيصدُ عن بيت الله من جاء معظماً له؟ فقالوا: كف عنا يا حُلَيْسٌ حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى .. انظر فتح الباري جـ ٥ صـ ٤١٩ ـ.
(٤) وفي رواية ابن إسحاق: وهو رجل غادر. وذلك صحيح من سيرة ميكرز فقد كان معروفاً بالغدر، وقد سبق له أن قتل عامر بن يزيد سيد بني بكرة، كما ذكر الواقدي بأنه خرج على المسلمين يوم الحديبية ليلاً بخمسين رجلاً ينوي الغدر، فأُسروا ولأَفلتَ مِكْرَز، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - أشار بعبارة إلى ما سيكون منه، وفي هذا إعجاز جديد. انظر نفي المرجع والجزء صـ ٤٢٠.

<<  <   >  >>