للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونبه بالعمائم والبرانس على كل ما في معناها مما يستر الرأس مخيطاً كان أو غير ذلك (١).


(١) الأصل أنه لا يجوز لبس الخفين بنص الأحاديث الصحيحة لإحاطتهما بالعقب والكعبين، ولسترهما أصابع وظاهر القدمين، ولكنّ فَقْدَ النعلين يجيز للمحرم استعمال الخفين بشرط القطع أسفل الكعبين بدليل الحديث السابق الذي رواه الشيخان عن ابن عمر والذي أخذ به مالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء فقالوا: لا يجوز لبسهما إلّا بعد القطع. وقال أحمد: يجوز لبس الخفين بحالهما ولم يذكر اشتراط قطعهما محتجاً بما رواه مسلم عن ابن عباس برقم (١١٧٨/ ٤). قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب يقول: «السراويل لمن يجد الإزار، والخُفّان لمن لم يجد النعلين، يعني المحرم» وكذا لما رواه مسلم بمعناه عن جابر. قال أصحاب أحمد: حديثا ابن عباس وجابر نسخا حديث ابن عمر المصرّح بقطع الخفين قبل لبسهما وزعموا أن قطعهما إضاعة مال! لكن جماهير فقهاء الأمة لم تأخذ بقولهم، ولم تأخذ بحديث ابن عباس وحده، وإنما أعملت الروايتين معاً فحملت المطلق في روايتيهما على المقيد في رواية ابن عمر، فأعملوا الروايات معاً، وأخذوا بزيادة الثقة، وهو هنا ابن عمر، وقالوا: زيادة الثقة مقبولة، والإعمال خير من الإهمال، والنسخ لا يجري إلّا بعد العجز عن جمع بين الروايات، والتحقق من زمن السابق واللاحق. أما إضاعة المال فقد نصوا على أن ذلك فيما لم يرد فيه شرع. وبالنسبة للكعبين الواردين بالحديث فقد فسر العلماء الكعب بالعظم الناتئ في جانبي كل قدم وفسرها أبو حنيفة بالعظم الناتئ وسط ظاهر القدم هذا يعني أن الحنفية فيما نقل عن أبي حنيفة فسروا الكعب بالشاخص في ظهر القدم، وقد ابتعدوا بهذا عن جمهور أهل اللغة الذين صرحوا بأن في كل قدم كعبين، ومن هذا ومن معنى النعلين فقد أوجب الجمهور كشف الكعبين والعقبين وأصابع القدمين وهذا هو الأصل لكن بعد أن يعتمد إلى الخف فيقطعه أسفل من الكعبين. هل يضر ما يحيط بالعقب وغيره. مما يبقى من المقطوع؟ الجواب: الأصل أنه لو كان لابساً له باختياره ضرّ، ولكن أجاز الفقهاء ذلك في الخف؛ لأنه انصراف إليه عند الحاجة. قال العلامة سليمان البجيرمي في شرحه على الخطيب جـ ٢ صـ ٥٦٢:
«قال ابن حجر: «وظاهر إطلاق الاكتفاء بقطعه الخف أسفل من الكعبين أنه لا يحرم وإن بقي منه ما يحيط بالعقب والأصابع وظهر القدمين وعليه فلا ينافي تحريم السرموجة، لأنه مع وجود غيرها» ثم قال: «ومحل جواز لبسهما بعد القطع عند فقد غيرهما وعند الحاجة». لكن هل على الحاج بفدية للبس الخفين عند فقد النعلين؟ قال مالك والشافعي ومن وافقهما أنه لا شيء عليه؛ لأنه لو وجبت فدية لبيَّنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهنا فائدة جليلة أتى على ذكرها العلامة ابن حجر الهيتمي في حاشية على شرح =

<<  <   >  >>