للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الذي سقته بين يديك من تحريم اللبس، المعمول على قدر العضو، وتحريم ستر الوجه واليدين، هو فيما إذا لم يكن عُذْرٌ، يبيح للمحرم لبس شيء في جسمه، أو ستر شيء لوجهها أو كفَّيها، فإن وُجد العذر جاز ذلك، وسقط الإثم، لكن تلزم الفدية (١).

فالحاجة التي ترتقي إلى رتبة العذر في سائر محظورات الإحرام هي التي يحصل معها مشقة لا يحتمل مثلها غالباً، جسدية كانت أو شرعية، كما لو شجَّ رأسه واحتاج إلى عصبه ومنع الجراثيم والهواء عنه، أو احتاج إليه لحرّ أو برد أو مداواة، أو احتاجت المرأة إلى ستر وجهها خشية فتنة حامت حولها، أو توقعتها من نظر بعض من حولها، فهذه مشقة شرعية (٢).

دليل الفقهاء في هذا حديث كعب بن عُجْرَة، حين أصاب رأسه القملُ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيؤذيك هوامُّك؟ فقال: نعم، يا رسول الله. قال: «احلقْ رأسك، وانسكْ نسيكة، أو أطعم ستة من مساكين الحرم، أو صُمْ ثلاثة أيام» (٣).

وقد قاس الفقهاءُ على حلق شعر الرأس عند العذر سائرَ المحظورات.

كما قاسوا الفدية في حلق الرأس مع العذر على فعل محرمات الإحرام بدافع العذر، فأوجبوا الفدية أيضاً، حيث ذهبوا إلى رفع الإثم في كلٍّ لاتحاد الصورة.


(١) حتى تلزم الفدية يشترط كون ذلك بما بعد ساتراً، أما لو وقفت خلف نافذة زجاجية تحجب عن الناس ما وراءها، فلا يضرها ذلك؛ لأنه لا يعد ساتراً عرفاً، على أنه أيضاً لا يطلب منها ذلك، لكنني استشهدت بهذا المثال توضيحاً مني لهذه القاعدة.
(٢) الحاشية لابن حجر صـ ١٧٨.
(٣) صحيح مسلم/١٢٠١/ ٨٠)، وهو أمُّ الرأس هي القمل.

<<  <   >  >>