وقال أبو حنيفة: لا يؤكل السمك الطافي على الماء، ويؤكل ما سواه من السمك، ولا يؤكل شيء من حيوان البحر إلّا السمك. هذا والأحاديث الصحيحة ليست إلى جانبه في هذه المسألة والله أعلم. (٢) السّيارة هم الذين يركبون البحر أي يجوز أكل طعام البحر لمن يصطاده وهو يركب البحر، كما يجوز أكله لمن يصطاده وهو على البر. القول الثاني: السّيارة هم المسافرون مطلقاً أي فيجوز أكل طعام البحر للمسافر والمقيم على السواء. انظر الجامع لإحكام القرآن للإمام القرطبي ٦/ ٢٩٥. (٣) في صحيح مسلم (١١٩٣/ ٥٠) عن ابن عباس عن الصَّعْبِ بن جَثَّامة اللَّيْثيّ أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حماراً وحشياً وهو بالأبواء، أو بِوَدّان [مكانان بين مكة والمدينة] فرده عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما في وجهي قال: «إنّا لم نَرُدّهُ عليك إلّا أنّا حُرُم» هذا وترجم البخاري لهذا الحديث بالرقم (٢٥٩٦) بعنوان: «باب: من لم يقبلْ الهدية لعلة .. » والصحيح أنه كان مذبوحاً لما جاء في رواية مسلم: عَجُزَ حمارٍ وحشٍ يقطر دماً» (١١٩٤/ ٥٤). قال الإمام الترمذي: وقال الشافعي: إنما وجْهُ هذا الحديث عندنا: إنما رده عليه لما ظن أنه صِيْدَ من أجله وتركه على التّنزّه. انظر الجامع الصحيح جـ ٣ صـ ٢٠٦. في كلامه على حديث ابن عباس الذي خرجه برقم (٨٤٩). قال الإمام النووي: «واحتج الشافعي وموافقوه بحديث أبي قتادة المذكور في صحيح مسلم بعد هذا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الصيد الذي صاده أبو قتادة، وهو حلال، قال للمحرمين: هو حلال فكلوا، وفي الرواية الأخرى قال: هل معكم منه شيء؟ قالوا: معنا رِجله فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكلها. وفي سنن أبي داوُد والنسائي عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «صيد البرّ لكم حلال مالم تصيدوه أو يصاد لكم» هكذا الرواية يصاد بالألف، وهي جائزة على لغة، ومنه قول الشاعر: ألم يأتيك والأنباء تنمي. قال أصحابنا: يجب الجمع بين هذه الأحاديثِ، وحديث جابر هذا صريح في الفرق، وهو ظاهر في الدلالة للشافعي وموافقيه .. ». انظر شرح النووي على صحيح مسلم جـ ٨ صـ ٢٧٨. (٤) قال الإمام النووي: وقال أبو حنيفة: ولا يحرم عليه ما صيد له بغير إعانة منه انظر النووي على صحيح مسلم جـ ٨ صـ ٢٧٧. أقول: حديث ابن عباس السابق في صحيح مسلم يقوي مذهب إمامنا الشافعي ومالك وأحمد وداود والظاهري والله أعلم.