أحدها «أمرنى ربي» ، وعلى الاخر «نهانى ربي» والثالث غفل؛ فإن خرج الامر مضوا علي ذلك، وإن خرج الناهى تجنبوا عنه، وإن خرج الغافل أجالوها ثانيا اهـ.
والقداح جمع قدح (بكسر القاف وسكون الدال) هو السهم الذى كانوا يستقسمون به، يقال للسهم أوّل ما يقطع: قطع (بكسر القاف وسكون الطاء) ، ثم ينحت ويبرى فيسمّى بريا، ثم يقوّم قدحا، ثم يراش ويركّب نصله فيسمى سهما، والقدّاح: صانعها، وهى الأزلام المذكورة في قوله عز وجل: وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ [المائدة: ٣] جمع (زلم كجمل) ، و (زلم) كصرد. اهـ.
* وأما عبد الله فكان أيضا صاحب أمانة وصيانة، كما يفهم ذلك من واقعته مع الخثعمية؛ وذلك أنه مرّ بامرأة من خثعم- بعد انصرافه مع أبيه عبد المطلب من نحر الإبل- يقال لها فاطمة بنت مرّة، وكانت من أجمل النساء وأعفهن، وكانت كاهنة قد قرأت الكتب، فرأت نور النبوة في وجه عبد الله، فقالت له- حين نظرت إلى وجهه- وكان أحسن رجل رؤي في قريش- «لك مثل الإبل التى نحرت عنك وقع عليّ الان» لما رأت في وجهه من نور النبوة، ورجت أن تحمل بهذا النبى الكريم صلّى الله عليه وسلّم، فأجابها بقوله:
أمّا الحرام فالممات دونه ... والحلّ: لا حلّ فأستبينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه ... يحمي الكريم عرضه ودينه
وفي لفظ:«فالحمام دونه» بكسر الحاء المهملة بمعناه، وقيل: هو قدر الموت وقضاؤه، من قولهم: حمّ كذا أي: قدر بالبناء للمفعول، والمعنى: الموت أيسر من فعل المحرم. وقوله: أما الحرام، سماه حراما وإن لم يكونوا أهل شرع؛ لأن الزنا مما علموا حرمته من بقايا دين إبراهيم عليه السلام، إذ يحتمل أن حرمة الزنا وحل النكاح من الأحكام التى كانت باقية من شريعة إبراهيم عليه السلام ولم تغيّر، وقد صرّح بذلك السهيلي. وقوله:«يحمى الكريم» إلى اخره، أي لو لم يكن فى هذا الفعل مؤاخذة، فالمروءة تمنع منه، وكرم الكريم وعرضه يمنعانه من مثل ذلك.
ويقال: إن التى عرضت عليه من بنى أسد بن عبد العزّي، واسمها قتيله