فيهما من قوله تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ السورة، وقال بعض العلماء في أولاد أبى لهب:
كرهت عتيبة إذ أجرما ... وأحببت عتبة إذ أسلما
كذلك معتب اسلم فاح ... ترز أن تسبّ فتى مسلما
ومثل عتبة وعتيبة في الصلاة والفحش: عبد الله وعبيد الله ابنا جحش؛ فإنّ عبد الله تبيّن وتبصّر فأسلم، وعبيد الله افتتن وتنصّر فأجرم، وإن الأكبر هو الأفضل والأصغر هو الأرذل.
* ثم أرضعت النبى صلّى الله عليه وسلّم حليمة السعدية بنت أبى ذؤيب (تصغير ذئب) واسمه عبد الله بن الحارث، ومن سعادتها توفيقها للإسلام «١» هى وزوجها الحارث بن عبد العزّى بن رفاعة السعدى وبنوها: عبد الله، والشيماء، وأنيسة، وقد ألّف الحافظ أبو سعيد علاء الدين بن مغلطاى في إسلامها جزا وسماه (التحفة الجسيمة في إسلام السيدة حليمة) وقال في سيرته: «وبقيت حليمة حتّى قدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكة، وقد تزوج خديجة، فشكت إليه جدب البلاد وهلاك الماشية، فكلّم لها خديجة فأعطتها أربعين شاة وبعيرا، وانصرفت إلى أهلها.
وقدمت عليه أيضا في يوم حنين، فقام لها وبسط لها رداءه، فجلست عليه وقضى حاجتها، فلما توفى صلّى الله عليه وسلّم قدمت على أبى بكر الصديق فصنع لها مثل ذلك، ثم عمر، ففعل ذلك. وأنشد في اخر الجزء المذكور:
أضحت حليمة تزدهي بمفاخر ... ما نالها في عصرها ذو شان
منها الكفالة والرضاع وصحبة ... والغاية القصوي: رضي المنّان
ومضمون قصتها مع اختصار: أنها قدمت مكة من البادية في سنة قحط شديدة لم تبق لهم شيئا صحبة عشر نسوة من قومها يلتمسن الرضعاء، ومعها ابن لها رضيع مجهود، وزوجها أبو أولادها الحارث، وكلاهما من بنى سعد بن
(١) حديث إرضاع السيدة حليمة رضى الله عنها للنبى صلّى الله عليه وسلّم رواه عنها عبد الله بن جعفر، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، وصرّح فيه بالتحديث بين عبد الله بن جعفر وحليمة.