للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم مات بها، وله ثلاثون سنة. ولما بلغت وفاته عبد المطلب وجد عليه وجدا شديدا، والصحيح أن النبى صلّى الله عليه وسلّم كانت وفاة أبيه بعد شهرين من حمل أمه به، وخلّف عبد الله جاريته أم أيمن وخمسة أجمال، وقطعة غنم، فورث ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أبويه، وكفله جده عبد المطلب حتّى مات والمصطفى صلّى الله عليه وسلّم ابن ثمانى سنين، ولا خلاف أن جده المذكور وأبويه ماتوا في الجاهلية؛ فإنه ما جاء الإسلام ونبيء حتّى بلغ الأربعين، وكان الناس قبل بعثته كما قال تعالى: لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ «١» [ال عمران: ١٦٤] وقد أشار إلى ذلك العراقى صاحب السيرة بقوله:

مات أبوه وله عامان ... وثلث، وقيل بالنقصان

عن قدر ذا، بل صحّ كان حملا ... وأرضعته حين كان طفلا

مع عمّه حمزة ليث القوم ... ومع أبى سلمة المخزومي

ثويبة، وهى إلى أبى لهب ... أعتقها وأنه حين انقلب

هلكا: رئي يوما بشرّ حيبه ... لكن سقي بعتقه ثويبه

وبعدها حليمة السعديه ... فظفرت بالدرّة السنيه

نالت به خيرا وأيّ خير ... من سعة ورغد ومير

أقام في سعد بن بكر عندها ... أربعة الأعوام تجنى سعدها

وحين شقّ صدره جبريل ... خافت عليه حدثا يئول

ردّته سالما إلى امنه ... وخرجت به إلى المدينة

تزور أخوالا له فمرضت ... راجعة فقبضت وتوفيت

هناك بالأبواء وهو عمره ... ستّ سنين مع شئ يقدره

ضابطه بمائة أياما ... وقيل: بل أربعة أعواما

وحين ماتت حملته بركه ... لجدّه بمكة المباركه

كفله إلى تمام عمره ... ثمانيا ثم مضى لقبره


(١) ( ... وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين) . [ال عمران: ١٦٤] .