تتأخر، ولأن ما فعله جده عبد المطلب من العقيقة لم يقع عنه؛ لأن ذلك كان قبل الشرع، فلا يتعلق به حكم، والعقيقة التى فعلها النبى صلّى الله عليه وسلّم عنه بعد النبوة (على تقدير صحتها) كانت بعد الشّرع، فهى المشروعة والواقعة عنه؛ لأنه بعد ولادته لم يقع عنه عقيقة مشروعة، وقد قال أئمتنا: إن من بلغ ولم يعقّ عنه فحسن أن يعقّ عن نفسه، على أن ما ورد من أنه صلّى الله عليه وسلّم عقّ عن نفسه بعد النبوة حديث منكر، كما قاله ابن حجر وغيره، بل قال النووى في شرحه المهذّب: إنه حديث باطل، فعليه يسقط التخريج المذكور أيضا بالأولى، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قلت: وما ذكره النجم من أن العقيقة لا تتكرر، إنما هو للمولود الواحد، أمّا إذا تعدد فإنها تتعدد أيضا كما هو مذهبنا، وما ذكره أيضا من أنها ليست مختصة بوقت معين، فليس مذهبنا، بل المذهب أنها مختصة به، فتكون في سابع الولادة لا قبله اتفاقا، ولا بعده، فإن فات فاتت علي المشهور، كما علمته انفا.
قال الجلال: وأما قول الفاكهانى «بل هو بدعة أحدثها البطّالون الخ» يقال عليه: إنه أحدث من غير نكير منهم، وارتضاه ابن دحية، وصنّف من أجله كتابا، فهؤلاء علماء متدينون رضوه وأقرّوه، ولم ينكروه.
وقوله «ولا مندوبا لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشرع» يقال عليه: إن الطلب فى المندوب تارة يكون بالنص، وتارة يكون بالقياس، وهذا وإن لم يرد فيه نص ففيه القياس علي الأصلين، يعنى السابقين في التخريج، وقد علمتهما، وقوله «ولا جائز أن يكون مباحا؛ لأن الابتداع في الدين ليس مباحا بإجماع المسلمين» كلام غير مستقيم؛ لأن البدعة لم تنحصر في الحرام والمكروه، بل قد تكون أيضا مباحة ومندوبة وواجبة أهـ.
وحاصل القول في البدعة أنها لغة: ما كان مخترعا على غير مثال سابق، وشرعا: ما أحدث على خلاف أمر الشارع ودليله الخاصّ أو العامّ، بل يكون الحامل عليه مجرد الشهوة والإرادة، أما ما أحدث مما له أصل في الشرع إما بحمل النظير على النظير، أو بغير ذلك، فإنه حسن؛ إذ هو سنة الخلفاء الراشدين والأئمة المهتدين، ومن ثمّ قال عمر- رضى الله عنه- فى التراويح: «نعمت