وقال العلّامة صدر الدين موهوب بن عمر الجزرى الشافعي:«هذه بدعة لا بأس بها، ولا تكره البدع إلا إذا راغمت «١» السنة، وأما إذا لم تراغمها فلا تكره، ويثاب الإنسان بحسب قصده في إظهار السرور والفرح بمولد النبى صلّى الله عليه وسلّم» . وقال فى موضع اخر:«هذه بدعة لا بأس بها، ولكن لا يجوز له أن يسأل الناس، بل إن كان يعلم أو يغلب على ظنه أن نفس المسئول تطيب بما يعطيه فالسؤال لذلك مباح، أرجو ألاينتهى إلى حد الكراهة» .
وقال العلامة نصير الدين المبارك الشهير بابن الطبّاخ:«ليس هذا من السنن، ولكن إذا أنفق المنفق في هذا اليوم أو تلك الليلة، وأظهر السرور فرحا بمولده صلّى الله عليه وسلّم ودخوله في الوجود، وجمع جمعا أطعمهم ما يجوز، واتخذ السماع الخالى عن اجتماع الأحداث، وإنشاد ما يثير نار الشهوة من العشقيات والمشوقات للشهوات الدنيوية، كالقد والخد والعين والحاجب، وأنشد ما يشوّق إلى الآخرة ويزهّد في الدنيا، ودفع للمسمع ملبوسا، فهذا اجتماع حسن جائز يثاب قاصد ذلك وفاعله عليه إذا أحسن القصد، ولا يختص ذلك بالفقراء دون الأغنياء إلا أن يقصد مواساة الأحوج، فالفقراء أكثر ثوابا، إلا أنّ سؤال الناس ما في أيديهم لذلك فقط بدون ضرورة وحاجة مكروه، واجتماع الصلحاء فقط ليأكلوا ذلك الطعام، ويذكروا الله تعالى، ويصلّوا على رسوله صلّى الله عليه وسلّم يضاعف القربات والمثوبات، أما إذا كان الاجتماع مما ينهى عنه شرعا فإنه مجمع اثام» .
وقال الحافظ أبو الخير في فتاويه: «عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد، ثم لا زال أهل الإسلام في سائر الأقطار والمدن الكبار يحتفلون في شهر مولده صلّى الله عليه وسلّم بعمل الولائم البديعة المشتملة على الأمور البهيجة الرفيعة، ويتصدّقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور ويزيدون في المبرات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم. اهـ.
وقال العلامة أبو الخير ابن الجزرى المقريء: «من خواصه أنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام، ولو لم يكن في ذلك إلا إرغام الشيطان وسرور أهل الإيمان لكفي، وإذا كان قوم عيسى اتخذوا ليلة مولده عيدا أكبر؛ فكذلك أهل الإسلام أولى بالتكريم وأجدر. وأكثر الناس عناية بذلك أهل مكة