* قال أبو أمامة ابن النقاش رحمه الله: وليلة مولده صلّى الله عليه وسلّم أفضل من ليلة القدر من وجوه ثلاثة:
أحدها: أن ليلة المولد ليلة ظهوره صلّى الله عليه وسلّم، وليلة القدر معطاة له، وما شرف بظهور ذات المشرّف من أجله أشرف مما شرف بسبب ما أعطيه، ولا نزاع في ذلك، فكانت ليلة المولد بهذا الاعتبار أفضل.
الثاني: أن ليلة القدر شرفت بنزول الملائكة فيها، وليلة المولد شرفت بظهوره صلّى الله عليه وسلّم فيها، ومن شرفت به ليلة المولد أفضل ممن شرفت بهم ليلة القدر على الأصح المرتضى من تفضيل الأنبياء على الملائكة، فتكون ليلة المولد أفضل.
الثالث: أن ليلة القدر وقع التفضيل فيها على أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وليلة المولد الشريف وقع التفضيل فيها على سائر الموجودات، فهو الذى بعثه الله رحمة للعالمين، فعمّت به النعمة على جميع الخلائق، فكانت ليلة المولد أعم نفعا، فكانت أفضل، كذا قيل.
وقوله في الوجه الأوّل «ولا نزاع في ذلك» يوهم أن ما ذكر قاعدة متفق عليها، قال أستاذنا: ولا أعلم من قالها، ويمكن دفع الفساد عنها بأن المراد ما كان شرفه لإعطائه، أعنى فقط، فلا يرد القران والنبوّة والإيمان والإسلام مثلا؛ لأن شرفها لذاتها لا لإعطائها فقط، والمراد ما كانت جهة شرفه محصورة في الإعطاء.
وقوله في الوجه الثالث: «وقع التفضيل فيها على سائر الموجودات» ، أى فساوتها وزادت عليها، والأزيد بالتفضيل فيه أزيد فضلا من غيره. وقد يقال: إن المراد أمة الدعوة لا أمة الإجابة، وغير المكلّفين لا نظر إليهم لا إعطاء ولا منعا لتعذّر ظهور الثمرة فيهم.
واعلم أن المراد من ليلة المولد خصوص تلك الليلة مع خصوص ليلة القدر التى نزل فيها القران.
* وأما النظائر فينبغى أنّ نظائر ليلة القدر أفضل من نظائر ليلة الولادة من جميع الأعوام، ويبقى النظر في ليلة الولادة وليلة الإسراء، وينبغى على القول بأن ليلة القدر أفضل منها أن تكون ليلة المولد أفضل منها، وانظر على القول