جئت من بعد ذا وذاك أخيرا ... فلهذا نظمى على الفتح جاء
ركضت حلبة السباق فكانا ... سابقيها وخلفا الأكفاء
لهما تاليا أتيت وإن لم ... أك ممّن يرى لذاك كفاء
وبفكرى في بحر شعرهما غص ... ت وإن كان الغوص ليس سواء
بهما قد شرفت إذ صرت اسما ... ثالث اثنين أعجز النظراء
أمنا أن يعززا منذ حين ... بمثيل تفردا واعتلاء
فهما النيّران ما خال طرف ... لهما ثالثا يحلّ السماء
بعد دلويهما رميت بدلوى ... علّ لى حمأة تجيء وماء
وبزعمى زاحمت هذين أبغى ... بهما اليمن، لا الرّيا والمراء
سعدا فارتجيت أسعد لمّا ... سرت في الأثر أقتفى السعداء
حركات الهجاء عكس لسعدي ... فغدا الفتح مبتداها انتهاء
فلعلى أجاز منك بفتح ... حين أنهى الإنشاد والإنشاء
فأنلنى مناى واشمل قريضي ... بقبول يكسو القريض السناء
وأجزنى على الصراط إذا ما ... صاح هول الجواز: ألانجاء
يا ملاذى إذا الموازين رازت ... عملي، وهو لا يوازى الهباء
يا عياذى إذا تطايرت الصحف ... يمينا ويسرة ووراء
وبدت لى يوم الحساب أمور ... ضلّ عنّى حسابها وتناءى
وتلوّت قوائمى عند ما الأو ... صال صارت من رعدتى أشلاء
يا أماني من خيفتى هدّ روعي ... إنّ روعى أغرى بها العرواء «١»
يا غياثى إذا دنا لهب الشمس ... وأذكى لعابها الرّمضاء
أنت لى جنّة هناك ودرع ... سابغ نتّقّى به اللأواء
يا عزيز الجناب دعوة عبد ... لك في الرّقّ يستحق الولاء
كيف عبد العزيز عبدك يلقى ... ذلة أو إضاقة أو شقاء
أو يخاف الظما غدا وهو منسو ... ب لسقيا أبيك نعمت سقاء
(١) العرواء بضم ففتح: قوة الحمّي ومسها في أوّل رعدتها اهـ. (من هامش الأصل) .