للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلام عليك ثم عليهم ... وعلى كل من تسجّى الكساء «١»

وعلي عمّك «٢» الذى طيّب الله ... بأنفاس روحه الشهداء

وعلى صنوه «٣» الذى بك أبقي ... لبنيه الخلافة القعساء

وسلام عليك ثمّ على أز ... واجك اللاء نلن منك الحياء

وسلام عليك ثم صلاة ... بشذا المسك يختمان الثناء

ما ابتدا مدحك امرؤ عند كرب ... فانجلى حين وافق الانتهاء

ولما بلغ صلّى الله عليه وسلّم اثنتى عشرة سنة عرض لأبى طالب شخوص إلى الشام في تجارة، وكان النبى صلّى الله عليه وسلّم يألفه، فسأله إخراجه معه، فأبى عليه صيانة له، فاغتم وبكي، فأخرجه، فراه راهب من الأحبار يقال له «بحيرا» وقد أظلته غمامة، فقال لأبى طالب: من هذا منك؟ قال: ابن أخي، قال: «أما ترى هذه الغمامة كيف تظله وتنتقل معه؟ والله إنه لنبى كريم، وإنى لأحسبه الذى بشّر به عيسى عليه السلام، فإنّ زمانه قد قرب، وينبغى أن تتحفظ به خشية أن تقتله اليهود» فردّه أبو طالب إلى مكة.

ولما جاوز سنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العشرين قال له أبو طالب: يا ابن أخي إن خديجة بنت خويلد امرأة موسرة ذات تجارة عريضة، وهى محتاجة إلى مثلك فى أمانتك وطهارتك ووفائك، فلو كلّمناها فيك فوكلتك ببعض أمرها وتجارتها.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: افعل يا عمّ ما رأيت. فسعى أبو طالب إليها فكلّمها في توكيل النبى صلّى الله عليه وسلّم ببعض تجارتها، فسارعت إلى ذلك ورغبت فيه، ووجّهته إلى الشام ومعه غلام لها قيّم يقال له «ميسرة» ، فلما فرغ مما توجّه إليه، وقدم مكة أخبرها ميسرة بأمانته وطهارته ويمن طائره، وما يقول أهل الكتاب فيه، وما ظهر له من البركة وكثرة الأرباح وسهولة الأمور، وكانت خديجة امرأة حازمة عاقلة برزة «٤» مرغوبا فيها لشرفها ويسارها، فدسّت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من عرض عليه أن يتزوجها، فرغب في ذلك.


(١) الحسن والحسين ابنا علي رضي الله عنهم.
(٢) حمزة بن عبد المطلب.
(٣) العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.
(٤) في القاموس: امرأة برزة: بارزة المحاسن، أو متجاهرة، كهلة جليلة، تبرز للقوم يجلسون إليها ويتحدثون وهي عفيفة. اهـ. (من هامش الأصل) .