* قال بعض الصوفية: إن أربعة من النساء أحببن أربعا من الأنبياء عليهم السلام فوجدن بذلك المغفرة:
أولاهنّ خديجة بنت خويلد: أحبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوجدت بذلك المغفرة والقربة والإسلام والنجاة من عبادة الأصنام، وكانت أوّل امرأة أسلمت من نساء عصرها، وبشّرها جبريل بقصرها.
والثانية: اسية بنت مزاحم: أحبت موسى الكليم، فأوردها حبّه جنة النعيم، وبنى الله لها بيتا في الجنة وأعظم لها المنّة.
والثالثة بلقيس: أحبت سليمان بن داود عليهما السلام، فكان حبها إياه سببا لدخولها في الإسلام، وكانت تعبد الشمس من دون الخالق، حتى بانت لها الحقائق، ووصل إليها كتاب كريم إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١)[النمل: ٣٠، ٣١] ولما صحّ عندها ما يدعو إليه سليمان من الإيمان خالفت رأي قومها الظالمين، وقالت بِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
[النمل: ٤٤] .
والرابعة: زليخا، أحبت يوسف الصدّيق فبانت لها أبواب التحقيق، وال أمرها أن دعاها إلى الإسلام فأسلمت بين يديه، ودخلت في حظيرة أنسه، فكان دخولها فى الملة سببا للدنوّ والوصلة.
* وكان صلّى الله عليه وسلّم محترما في قومه، معظما في عشيرته، رئيس قبيلته، وأرادوا تجديد بناء الكعبة؛ لكونها كانت قصيرة البناء، فأرادوا رفعها وسقفها، فهدمتها قريش ثم بنوها، فلمّا وصلوا في البناء إلى الموضع الذى يوضع فيه الحجر الأسود اختلفوا في وضعه، وقالت كل قبيلة: نحن أحق بوضعه، حتى هموا بالقتال، ومكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمسا انقطع الخلاف بينهم برضا قريش بحكمه، وكان قد بلغ خمسا وثلاثين سنة، وذلك أنهم اجتمعوا وتشاوروا، فقال أبو أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو ابن مخزوم، وكان يومئذ أسنّ قريش: يا معشر قريش اجعلوا بينكم حكما فيما تختلفون فيه أوّل من يدخل من باب الحرم ليقضى بينكم. ففعلوا، فكان أوّل داخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين، هذا محمد، رضيناه، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر، قال صلّى الله عليه وسلّم:«هلمّوا إليّ ثوبا» فأتى به، فأخذ الحجر فوضعه فيه بيده، ثم قال: «لتأخذ