كل قبيلة بطرف من الثوب، ثم ارفعوه جميعا» ، ففعلوا ذلك، فلما بلغوا به موضعه وضعه النبى صلّى الله عليه وسلّم بيده الشريفة، ثم بنى عليه حتّى أتموا بناء الكعبة، فأرضى الكلّ صلوات الله عليه. وكانت قريش تسمّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل أن ينزل عليه الوحى «الأمين» ، وفي الجامع الصغير عن الطبراني عن أبى رافع أن النبى صلّى الله عليه وسلّم قال: «أما والله إنّى لأمين في السماء وأمين في الأرض» .
وكان بناء الكعبة قبل الهجرة بثمانى عشرة سنة، وفي قضية التحكيم قال هبيرة بن وهب المخزومي:
تشاجرت الأحياء في فصل خطّة ... جرت بينهم بالنّحس من بعد أسعد
تلاقوا بها بالبعض بعد مودة ... وأوقد نارا بينهم شرّ موقد
فلما رأينا الأمر قد جدّ جدّه ... ولم يبق شيء غير سلّ المهنّد
رضينا وقلنا العدل أوّل طالع ... يجئ من البطحاء من غير موعد
ففاجأنا هذا الأمين محمد ... فقلنا رضينا بالأمين محمّد
بخير قريش كلّها أمس شيمة ... وفي اليوم مع ما يحدث الله في غد
فجاء بأمر لم ير الناس مثله ... أعمّ وأرضي في العواقب والبد
أخذنا بأطراف الرداء وكلّنا ... له حصّة من رفعها قبضة اليد
فقال ارفعوا حتّى إذا ما علت به ... أكفّهم وافى به غير مسند
وكلّ رضينا فعله وصنيعه ... فأعظم به من رأى هاد ومهتدى
وتلك يد منه علينا عظيمة ... يروح بها هذا الزمان ويغتدى
وكانت كسوة الكعبة في زمن الجاهلية المسوح والأنطاع؛ فإنّ أوّل من كساها الأنطاع تبّع الحميري؛ ثم كساها الثياب الحبرة، وفي رواية: كساها الوصائل، وهى برود حمر فيها خطوط خضر تعمل باليمن، وكانت قريش تشترك في كسوة الكعبة، حتى نشأ أبو ربيعة بن المغيرة، فقال لقريش: أنا أكسو الكعبة سنة واحدي، وجميع قرش سنة، واستمر يفعل ذلك إلى أن مات، فسمّته قريش