للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدل «١» لأنه عدل قريشا واحده في كسوة الكعبة، ويقال لبنيه بنو العدل. وكانت كسوتها لا تنزع، فكان كلما تجدّد كسوة تجعل فوق، فاستمر ذلك إلى زمنه صلّى الله عليه وسلّم، ثم كساها النبى صلّى الله عليه وسلّم الثياب اليمانية، وكساها أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم القباطي «٢» ، وكساها معاوية رضى الله عنه الديباج يوم عاشوراء، والقباطي في اخر رمضان، وكساها المأمون الديباج الأحمر والديباج الأبيض والقباطى أيضا، فكانت تكسى الديباج الأحمر يوم التروية، والقباطى يوم هلال رجب، والديباج الأبيض يوم سبع وعشرين من رمضان.

قال بعضهم: وهكذا كانت تكسى في زمن المتوكّل العباسي، ثم في زمن الناصر العباسي، كسيت السواد من الحرير، واستمر ذلك إلى الان في كل سنة، وكانت كسوتها من غلة قريتين «٣» يقال لهما «بسوس» و «سندبيس» «٤» من قرى القاهرة بإرصاد الملك الصالح بن الناصر محمد بن قلاوون في سنة سبعمائة وإحدى وخمسين، إلى أن صارت الكسوة من القاهرة المعزية، على طرف الخزينة المصرية الخديوية. وقد سئل الإمام البلقيني: هل يجوز كسوة الكعبة بالحرير المنسوج بالذهب؟ ويجوز دورانها في المحمل الشريف؟ فأجاب بجواز ذلك، قال: لما فيه من التعظيم لكسوتها الفاخرة، التى يرجى لمن يكسوها الخلع السنية في الدنيا والآخرة، ويجوز إظهارها في دوران المحمل الشريف؛ فإن في ذلك من التفخيم المناسب للحمل المنيف ما يليق بالحال. هذا كلامه.

وأوّل من حلّى بابها بالذهب جدّه صلّى الله عليه وسلّم: عبد المطلب؛ فإنه لما حفر بئر زمزم وجد فيها الأسياف والغزالين من الذهب، فضرب الأسياف بابا، وجعل في ذلك الباب الغزالين، فكان أوّل ذهب حلّيت به الكعبة، وقد سبق ذلك في حفر زمزم فى الفصل الأوّل من الباب الأوّل.

وأوّل من ذهّب الكعبة في الإسلام عبد الملك بن مروان، وقيل عبد الله بن


(١) العدل: النظير، ومنه قوله تعالى: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً.
(٢) القباطي: ثياب كانت تصنع في مصر.
(٣) وقف كسوة الحرمين الشريفين.
(٤) وهى وقف على خدام الحجرة الشريفة. وهذه القرية وما قبلها من أعمال محافظة القليوبية. اهـ. من «التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية» .