للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان عمره إحدى عشرة سنة، ثم زيد بن حارثة. قال الثعلبي: إجماع العلماء أن أوّل من أسلم من الرجال أبو بكر، ومن الصبيان علي، ومن النساء خديجة، ومن الموالى زيد بن حارثة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان قد تبناه وصار يقال له: زيد بن محمد، ولم يذكر في القران أحد من الصحابة باسمه إلا هو، كما أنه لم يذكر امرأة باسمها في القران إلا مريم. وأوّل من أسلم من العبيد الباقين على الرق: بلال المؤذن، فأول فائز بالإسلام من الرجال الصدّيق على التحقيق، وإن قال شيخ الإسلام السراج عمر البلقينى وتبعه الحافظ العراقي: إن أول من امن به من الرجال ورقة بن نوفل؛ لنزول الوحى على النبي صلّى الله عليه وسلّم في حياته، وإيمانه بالنبى وتصديقه برسالته صريحا «١» أى بعدها بناء على أنهما متقارنان، أو قبلها لعلمه من الكتب القديمة كما جاء في أحاديث قصة بدء الوحى وغيرها في الصحيح وغيره، وإن مشى على ذلك أيضا جماعة من الأئمة، وعدّوه في الصحابة.

واتسع الإسلام بعد أن أسلم أبو بكر: فأسلم عثمان بن عفان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، فهؤلاء الخمسة دعاهم أبو بكر فأجابوا، ثم أسلم أبو عبيدة (عامر بن الجراح) ، وعبيدة بن الحارث، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزي، وهو ابن عم عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعمّار بن ياسر، فهؤلاء هم الذين سبقوا الناس إلى الإسلام.

وأوّل ما وجب الإنذار والدعاء إلى الله بالتوحيد بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ، أقام صلّى الله عليه وسلّم بعد ذلك ثلاث سنين يدعو إلى الله سرّا- لعدم الأمر بالإعلان، وكان لا يظهر دعوته إلا لمن يثق به، وتبعه ناس عامّة ضعفاء من الرجال والنساء، كما يشير إلى ذلك حديث: «إن هذا الدين بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ» «٢» حتى أنه صلّى الله عليه وسلّم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة، وخرج معه


(١) قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «رأيت القسّ في الجنة عليه ثياب حرير» يعنى ورقة. رواه الديلمى في مسند الفردوس.
(٢) رواه ابن عساكر بلفظ: «بدأ الإسلام غريبا ثم يعود غريبا كما بدأ؛ فطوبى للغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس ... » إلخ الحديث، وهو حديث طويل.