للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحيح عند أهل العلم بالأثر أنه بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة، فكان فى اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ نبوته، وفي يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ رسالته بالنذارة والبشارة والتشريع، والاقتصار على الإنذار في هذه السورة مع أنه صلّى الله عليه وسلّم بعث مبشّرا أيضا؛ لأن ذلك كان في أوّل الإسلام؛ فتعلّق الإنذار محقق، فلما أطاع من أطاع أنزل الله قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً فانقطعت الفترة بدعوته صلّى الله عليه وسلّم عموم الناس للإيمان «١» .

* ثم أوّل شيء فرض الله عليه من شرائع الإسلام بعد الإنذار بالتوحيد والبراءة من الأوثان: الصلاة. أتاه جبريل فعلّمه الوضوء والصلاة ركعتين، ثم فارقه.

وعاد النبى صلّى الله عليه وسلّم إلى خديجة فأخبرها، فغشي عليها من الفرح، ثم أخذ بيدها وعلّمها الوضوء فتوضأت، ثم قام فصلّى ركعتين وصلّت معه، فكان ذلك أوّل فرضها ركعتين، ثم إن الله تعالى أقرّها في السفر وأتمّها في الحضر، قال النووي: أول ما وجب الإنذار والدعاء إلى التوحيد، ثم فرض الله من قيام الليل ما ذكر في أوّل سورة المّزمّل بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ثم نسخه بما في اخرها بقوله فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ إذ المراد صلّوا ما تيسر لكم، وفرض عليه ركعتين بالغداة* وركعتين بالعشيّ، ثم نسخ ذلك بإيجاب الصلوات الخمس ليلة الإسراء بمكة. انتهي.

* وقد اختلف العلماء في أوّل من أسلم: والصحيح: خديجة، ثم أبو بكر، ثم على


(١) وأشهر ما قيل في يوم البعثثة حين فجأه جبريل صلّى الله عليه وسلّم بالوحى: كان يوم الاثنين نهار سبعة عشر من رمضان وهو الأشهر. كان يوم الاثنين نهار أربعة عشرة منه. كان يوم الاثنين نهار سبعة عشر من شهر رجب. كان يوم الاثنين نهار أوّل شهر ربيع الأوّل. كان يوم الاثنين نهار يوم الثامن من ربيع الأوّل.
* الغداة: ما بين الفجر وطلوع الشمس. والعشى: الوقت من زوال الشمس إلى المغرب أو من صلاة المغرب إلى العتمة (المعجم الوسيط: ٦٢٥) .