وسيلة لعرض بعض المسائل الكلامية أو تقديم تفسيرات لبعض الايات القرانية، أو تقديم بعض الأحاديث والأخبار، أو عرض بعض مسائل القراات القرانية (١٧) .
شكل كل نمط من الأنماط السابقة مجموعة من التقاليد الكتابية الخاصة بمتن السيرة النبوية بوصفه نصا سرديا، أو بشرحه لغايات مختلفة. وكانت هذه الأنماط متاحة أمام الطهطاوى وهو يكتب" نهاية الإيجاز"، وقد نقل الطهطاوى كثيرا من النصوص السابقة عليه، وكان يردها إلى مصادرها، لكنه أعاد صياغة تقاليد كتابة السيرة النبوية حيث أفاد من تقاليد كتابتها لدى أصحاب الأنماط الثلاثة السابقة عليه (وذلك ما سيتضح تفصيلا في فقرات تالية) . وبقدر ما كان سعى الطهطاوى إلى إعادة صياغة تقاليد كتابة السيرة النبوية دالّا على منحاه التجديدى الذى يبدأ بتمثل الموروث- مع السعى إلى تجاوزه- فإن فعل التجاوز لدى الطهطاوى يمثل بدوره، دالا اخر على أن كتابة.
الطهطاوى السيرة النبوية لم تنفصل عن لحظتها التاريخية والأدبية؛ أى لحظة ميلاد الأنواع السردية الحديثة في الأدب العربى.
(٣) إذا كان الطهطاوى قد قدم صياغته للسيرة النبوية في أوائل العقد الثامن من القرن التاسع عشر فإن عمله هذا يمكن تفهمه في تقاطعه مع إطار التيار الأساسى السائد على الرواية العربية الحديثة في المرحلة الأولى من مراحل تبلورها، والتى تمتد من الثلث الأخير من القرن التاسع عشر إلى بداية الحرب العالمية الأولى. وقد ساد فيها نمطان روائيان هما الرواية التاريخية والرواية التعليمية ويتفق النمطان في كون التعليم الهدف المشترك لكليهما؛ وإن اختلفت طبيعته بينهما؛ فبينما كانت الرواية التاريخية تعلّم الأحداث والوقائع التاريخية الخاصة بفترة أو شخصية ما من التاريخ العربى والإسلامى فإن الرواية التعليمية قد تغيت تقديم معارف من علوم متنوعة، على نحو ما يتجلى في رواية" علم الدين"(١٨٨٣) لعلى مبارك (١٨٢٣- ١٨٩٣) والتى تعد النموذج الأساسى لها في هذه المرحلة (١٨) .
ومن اللافت أن بدايات الرواية التاريخية قد بدأت في لبنان في وقت معاصر