للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن مبلغ الحسناء أنّ حليلها ... بميسان يسقى في زجاج وحنتم

إذا شئت غنّتنى دهاقين قرية ... وصنّاجة تحذو على كل ميسم

إذا كنت ندمانى فبالأكبر اسقنى ... ولا تسقنى بالأصغر المتثلم

لعلّ أمير المؤمنين يسوؤه ... تنادمنا بالجوسق المتهدم

[والحنتم واحدة الحناتم: وهو في الأصل جرار مدهونة خضر، كانت تحمل فيها الخمر إلى المدينة، ثم اتّسع فيها، فقيل للخزف كله حنتم، والصنّاجة: الة لهو، وهى الطبل المعروف المذكور، فى قول الحريري: * أحسنت بالعيش يا صنّاجة الجيش*] .

فبلغ ذلك «١» عمر رضى الله عنه فكتب إليه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ [غافر: ١] . أما بعد.. فقد بلغنى قولك: «لعل أمير المؤمنين يسوؤه..»

إلى اخره. وأيم الله لقد ساءني» . ثم عزله.

فلما قدم عليه سأله، فقال: ما كان من هذا شيء، وما كان إلا فضل شعر وجدته، وما شربتها قط. فقال عمر: أظن ذلك، ولكن لا تعمل لي عملا أبدا.

فنزل البصرة ولم يزل يغزو مع المسلمين حتّى مات، وشعره فصيح تستشهد به أهل اللغة على «ندمان» بمعنى «نديم» . وهذه الحادثة مصداق قوله تعالى:

وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ... [الشعراء: ٢٢٤] . قال الشاعر:

«يقولون ما لا يفعلون» مذمّة ... من الله مذموم بها الشعراء

وما ذاك فيهم واحده بل زيادة ... يقولون ما لا يفعل الأمراء


(١) أى الشعر الذى قاله نعمان بن عديّ بن نضلة.
(١) فى مراصد الاطلاع: «كانت تسمى قديما «وجّ» وسميت بالطائف: لمّا أطيف عليها الحائط» ثم قال: «وهى على ظهر جبل غزوان، وبها عقبة مسيرة يوم للطالع من مكة، ونصف يوم للهابط إلى مكة» .