النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ورجع إلى قومه، فأسلم منهم على يده ناس قليل، فرجع إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم فشكا ذلك إليه وسأله أن يدعو عليهم، فقال:«اللهم اهد دوسا» ارجع إلى قومك فادعهم وارفق بهم. قال الطفيل: فلم أزل أدعوهم حتّى مضى الخندق، ثم قدمت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من دوس بخيبر، فأسهم لنا مع المسلمين.
وقدم عليه صلّى الله عليه وسلّم عشرون رجلا من نصارى نجران (مدينة بالحجاز، من شق اليمن معروفة، سميت بنجران بن زيد بن يشجب بن يعرب، وهو أوّل من نزلها) وقال في النهاية: (موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن) حين بلغهم خبر من هاجر من المسلمين إلى الحبشة، فوجدوه صلّى الله عليه وسلّم في المسجد، فجلسوا إليه وسألوه وكلموه، ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة ينظرون إليهم، فلما فرغوا من مسألة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما أرادوا، دعاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الله تعالى، وتلا عليهم القران، فلما سمعوه فاضت أعينهم من الدمع، ثم استجابوا له وآمنوا به، وعرفوا منه ما هو موصوف به في كتابهم. فلما قاموا عنه اعترضهم أبو جهل فى نفر من قريش، فقالوا لهم: خيّبكم الله من ركب، بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون (أى تنظرون) الأخبار لهم لتأتوهم بخبر الرجل، فلم تطمئن مجالسكم عنده حتّى فارقتم دينكم فصدّقتموه بما قال! لا نعلم ركبا أحمق منكم.
فقالوا لهم: سلام عليكم لا نجاهلكم، لنا ما نحن عليه ولكم ما أنتم عليه. ويقال:
نزل فيهم قوله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ إلى قوله: لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ [القصص: ٥٢: ٥٥] . ونزل قوله تعالى: وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ [المائدة: ٨٣] . وكان من القادمين على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أميرهم العاقب عبد المسيح (من كندة) . ثم خرج صلّى الله عليه وسلّم إلى الطائف.
قال الحافظ ابن عبد البرّ وغيره: أوّل موروث في الإسلام عديّ بن نضلة، وأوّل وارث نعمان بن عدي، وكان عدى قد هاجر إلى أرض الحبشة فمات بها، فورثه ابنه نعمان، واستعمله عمر على ميسان، ولم يستعمل من قومه غيره، فراود امرأته على الخروج فأبت، فكتب إليها يقول: