* قال بعض المفسرين: الأفعال التى كلّفنا الله بها على قسمين:
منها ما يعقل معناه ووجه حكمته فيه؛ كالصلاة والصوم والزكاة؛ فإن الصلاة تضرّع محض، وتواضع وتذلل للخالق، والزكاة سعي في دفع حاجة الفقير، والصوم سعي في كسر الشهوة.
ومنها ما لا يعقل معناه ولا يعرف وجه الحكمة فيه كأفعال الحج؛ فإنّا لا نعرف بعقولنا وجه الحكمة في رمى الجمار، والسعى بين الصفا والمروة والرّمل.
ثم اتّفق المحققون على أنه كما يحسن منه تعالى أن يأمر عباده بالنوع الأوّل، فكذا يحسن منه الأمر بالنوع الثاني؛ لأن الإطاعة في النوع الأوّل لا تدل على كمال الانقياد؛ لاحتمال أن المأمور إنما أتى به لما عرف بعقله من وجه المصلحة فيه، بخلاف الطاعة في النوع الثاني؛ فإنها لا تدل إلا على كمال الانقياد، وكمال نهاية التسليم؛ لأنه لمّا لم يعرف منه وجه المصلحة إليه لم يكن وجه إتيانها إلا محض الانقياد والتسليم، وهذا معنى قولهم: يجب علينا الإيمان والتصديق بكل ما جاءت به الرسل وإن لم نفهم حكمته، كذلك يجب علينا الإيمان والتصديق بكلام الأئمة وإن لم نفهم علّته حتّى يأتينا عن الشارع ما يخالفه.
ومن شعائر الإسلام الصلوات، والجماعات، وقراءة القران. والمساجد والمحاريب في زماننا أكثر؛ إذ النبى صلّى الله عليه وسلّم خرج من الدنيا والإسلام لم يبلغ غير جزيرة العرب.
* ولما أصبحّ صلّى الله عليه وسلّم قصّ على قريش ما رأي، فقال له المطعم بن عدي: «كلّ أمرك قبل اليوم كان أمما (يعنى خفيفا) ، أنا أشهد أنك كاذب؛ نحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس مصعدا شهرا ومنحدرا شهرا وتزعم أنك أتيته في ليلة! واللات والعزّى لا أصدّقك» .
فقال أبو بكر رضى الله عنه:«يا مطعم، بئس ما قلت لابن أخيك، جبهته وكذبته، وأنا أشهد أنه صادق» .
فقالوا: «يا محمد صف لنا بيت المقدس، كيف بناؤه؟ وكيف هيئته؟ وكيف قربه من الجبل؟ (وفي القوم من سافر إليه) ، فذهب ينعت لهم: بناؤه كذا،